• ×
الثلاثاء 19 مارس 2024 | 18-03-2024
×

بَابُ : فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ

0
0
3852
 
(81) أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ ثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « للهُ أَشَدُّ أَذَنَاً (1) إِلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ ، مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى الْقَيْنَةِ » .
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ : أَذَنَاً يَعْنِي : اسْتِمَاعَاً .

__________
(1) وَرَدَ بِالْمَطْبُوعَةِ « أَذَانَاً » ، وَهُوَ فِي كُلِّ الْمَصَادِرِ « أَذَنَاً » ، فَاعْتَمَدْتُهُ كَمَا بِهَا ، وَإِنْ لَمْ أَقِفُ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ إِلا هَاهُنَا ، فَلا أَدْرِي أَهُوَ لَفْظُهُ أَمْ خَطَأ ! .
قُلْتُ : هَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ بْنِ شَابُورَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ فَقَالَ « عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ » ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ .
وَتَابَعَهُ : بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، ويَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ ، والْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ الطَّالَقَانِيِّ عَنْهُ .
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ (6/18) : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّالَقَانِيُّ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « للهُ أَشَدُّ أَذَنًا إِلَى الرَّجُلِ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ » .
وَأَخْرَجَهُ أبُو عُبَيْدٍ « فِضَائِلُ الْقُرْآنِ »(187) عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ ، والْحَاكِمُ (1/760) عَنْ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ ، والْبَيْهَقِيُّ « الْكُبَرَى »(10/230) و« شُعُبُ الإِيْمَانِ »(2/387/2144) ، وَابْنُ عَسَاكَرَ « التَّارِيخُ »(61/321) كِلاهُمَا عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ ، جَمِيعَاً عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِمِثْلِهِ .
وَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ الْحَاكِمُ : صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ .
فَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ بِقَوْلِهِ : بَلْ هُوَ مُنْقَطِعٌ .
قُلْتُ : وَهُوَ كَمَا قَالَ ، فَإِنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْمُهَاجِرِ لَمْ يُدْرِكْ فَضَالَةَ .
وَلَكِنْ خَالَفَهُمْ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ بِرِوَايَةِ جَمْعٍ مِنٍ أَثْبَاتِ أَصْحَابِهِ ، فَوَصَلَهُ « عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ مَيْسَرَةَ مَوْلَى فَضَالَةَ عَنْ فَضَالَةَ » .
فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (6/20) عَنْ عَلِىِّ بْنِ بَحْرٍ ، وَالْبُخَارِيُّ « التَّارِيخُ »(7/124/556) عَنْ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ ، وَابْنُ مَاجَهْ (1340) عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعِيدٍ الرَّمَلِيِّ ، وَالْمَرْوزِيُّ « قِيَامُ اللَّيْلِ » عَنْ زِيَادِ بْنِ أيُّوبَ ، وَابْنُ حِبَّانَ (754) عَنْ دُحَيْمٍ ، وَالطَّبَرَانِيُّ « الْكَبِيرُ »(18/301/772) عَنْ عَلِىِّ بْنِ بَحْرٍ ودُحَيْمٍ ، وَأبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ « فِضَائِلُ الْقُرْآنِ »(24) ، وَالْبَيْهَقِيُّ « الْكُبْرَى »(10/230) كِلاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ السَّدُوسِيِّ ، وَابْنُ عَسَاكَرَ« التَّارِيخُ »(61/321) ، والْمِزِّىِّ « تَهْذِيبُ الْكَمَالِ »(29/199) كِلاهُمَا عَنْ دَاوُدَ بْنِ رُشَيْدٍ ، سَبْعَتُهُمْ _ دُحَيْمٌ وَمُتَابِعُوهُ _ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ مَيْسَرَةَ مَوْلَى فَضَالَةَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِهِ .
وَتُوبِعَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ .
قَالَ ابْنُ بَطَّةَ « الإِبَانَةُ الْكُبْرَى »(3/122/92) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْحَدَّادِيُّ ثَنَا أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَكِيعِيُّ ثَنَا أبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ مَوْلَى فَضَالَةَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِهِ .






(82) وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ ثَنَا أبُو قُدَامَةَ وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالا : ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : « زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ » .
(83) حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الصَّنْدَلِيُّ ثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ لَهُ : قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ » مَا مَعْنَاهُ ؟ ، قَالَ : التَّزْيِينُ أَنْ يُحَسِّنَهُ .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : يَنْبَغِي لِمَنْ رَزَقَهُ اللهُ حُسْنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ خَصَّهُ بِخَيْرٍ عَظِيمٍ ، فَلْيَعْرِفْ قَدَرَ مَا خَصَّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ ، وَلْيَقْرَأْهُ للهِ ، لا لِلْمَخْلُوقِينَ ، وَلِيَحْذَرْ مِنْ الْمَيْلِ إِلَى أَنْ يُسْتَمَعَ مِنْهُ لِيَحْظَى بِهِ عِنْدَ السَّامِعِينَ ، رَغْبَةً فِي الدُّنْيَا ، وَالْمَيْلِ إِلَى الثَّنَاءِ ، وَالْجَاهِ عِنْدَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، وَالصَّلاةِ بِالْمُلُوكِ دُونَ الصَّلاةِ بِعَوَامِّ النَّاسِ .

فَمَنْ مَالَتْ نَفْسُهُ إَلَى مَا نَهَيْتُهُ عَنْهُ خِفْتُ أَنْ يَكُونَ حُسْنَ صَوْتِهِ فِتْنَةً عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ حُسْنُ صَوْتِهِ إِذَا خَشِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ ، وَكَانَ مُرَادُهُ أَنْ يُسْتَمَعَ مِنْهُ الْقُرْآنُ لِيَنْتَبِهَ أَهْلُ الْغَفْلَةِ عَنْ غَفْلَتِهِمْ ، فَيَرْغَبُوا فِيمَا رَغَّبَهُمْ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَيَنْتَهُوا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ . فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ انْتَفَعَ بِحُسْنِ صَوْتِهِ ، وَانْتَفَعَ بِهِ النَّاسُ .

(84) حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ ثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ جَعْفَرٍ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَحْسَنُ النَّاسِ صَوْتَاً بِالْقُرْآنِ ، الَّذِي إِذَا سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ حَسِبْتَهُ يَخَشَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ » .

(85) حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَلْخِيُّ ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « إِنَّ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًاً بِالْقُرْآنِ مَنْ إِذَا سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ ، أُرِيتَ أَنَّهُ يَخْشَى اللهَ » .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللهُ : وَأَكْرَهُ الْقِرَاءَةَ بِالأَلْحَانِ وَالأَصْوَاتِ الْمَعْمُولَةِ الْمُطَرِّبَةِ ، فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، مِثْلِ : يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، وَالأَصْمَعِيِّ ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ ، وَأبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلامٍ ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَغَيْرِ وَاحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ ، يَأْمُرُونَ الْقَارِئَ إِذَا قَرَأَ أَنْ يَتَحَزَّنَ ، وَيَتَبَاكَى ، وَيَخْشَعَ بِقَلْبِهِ .

(86) حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّالَقَانِيُّ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ بَعْدَمَا كُفَّ بَصَرُهُ ، فأتيته مُسَلِّمَاً ، وَانْتَسَبَنِي ، فَانْتَسَبْتُ لَهُ ، فَقَالَ : مَرْحَبًا بِابْنِ أَخِي ، بَلَغَنِي أَنَّكَ حَسَنُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ ، فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا ، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا ، وَتَغَنَّوْا بِهِ ، فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ ، فَلَيْسَ مِنَّا » .

(87) وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَيْفِ بْنِ عَطَاءٍ الرِّيَاحِيُّ ثَنَا عَوْنُ بْنُ عَمْرٍو أَخُو رِيَاحٍ الْقَيْسِيِّ قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « اقْرَأُوا الْقُرْآنَ بِحُزْنٍ ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِحُزْنٍ » .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللهُ : فَأُحِبُّ لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ أنْ يَتَحَزَّنَ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ ، وَيَتَبَاكَى ، وَيَخْشَعَ قَلْبُهُ ، وَيَتَفَكَّرَ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، لِيَسْتَجْلِبَ بِذَلِكَ الْحُزْنَ . أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى مَا نَعَتَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، وَأَخْبَرَ بِفَضْلِهِمْ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ « اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله » الآيَةَ ( الزُّمَرُ 39/23) ، ثُمَّ ذَمَّ قَوْمَاً اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ ، فَلَمْ تَخْشَعْ لَهُ قُلُوبُهُمْ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ « أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ . وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ . وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ »( النَّجْمُ 53/59) ؛ يَعْنِي : لاهِينَ .
ثُمَّ يَنْبَغِي لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ أنْ يُرَتِّلَ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ « وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلاً »( الْمُزَمِّلُ 73/4) ، قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ : يَتَبَيِّنُهُ تَبْيِينَاً .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا رَتَّلَهُ وَبَيَّنَهُ انْتَفَعَ بِهِ مَنْ يَسْمَعُهُ مِنْهُ ، وَانْتَفَعَ هُوَ بِذَلِكَ ، لأَنَّهُ قَرَأَهُ كَمَا أُمِرَ ؛ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ « وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ »( الإسْرَاءُ 17/106) يُقَالُ : عَلَى تُؤَدَةٍ .

(88) حَدَّثَنَا أبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا أبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا مَالِكُ ابْنُ سُعَيْرٍ ثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ « وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلاً »( الْمُزَمِّلُ 73/4) : بَيِّنْهُ تَبْيِينَاً .




__________
(1) ضَعِيفٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ . وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ (2/255/8725و6/141/30158) ، وَالطَّبَرِيُّ « جَامِعُ الْبَيَانِ »(29/127) كِلاهُمَا عَنْ وَكِيعِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بِمِثْلِهِ ، وَلَفْظُ الطَّبَرِيُّ : بَيِّنْهُ بَيَانَاً .
قُلْتُ : وَفِيهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى ، وَهُوَ صَدُوقٌ فَقِيهٌ رُبَّمَا يَهِمُ فِي الإِسْنَادِ ، قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ .
(89) حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْدَلِيُّ أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ أنا سُفَيْانُ عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكَتِّبِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ « وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً »( الإسْرَاءُ 17/106) ، قَالَ : عَلَى تُؤَدَةٍ .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : وَالْقَلِيلُ مِنْ الدَّرْسِ لِلْقُرْآنِ مَعَ الْفِكْرِ فِيهِ ، وَتَدَبُّرِهِ أَحَبُّ إلِيَّ مِنْ قِرَاءَةِ الْكَثِيرِ مِنْ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ تَدَبُّرٍ ، وَلا تَفَكُّرٍ فِيهِ ، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَالسُّنَّةُ ، وَقَوْلُ أَئَمَّةِ الْمُسْلِمِينَ .

(90) حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْدَلِيُّ أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ قَالَ : قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ : إِنِّي سَرِيعُ الْقِرَاءَةِ ، إِنِّي أَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي ثَلاثٍ ، قَالَ : لأَنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ فِي لَيْلَةٍ ، فَأَتَدَبَّرُهَا ، وَأُرَتْلُهَا أحبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنَّ أَقْرَأَ كَمَا تَقُولُ .

(91) حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ أيْضَاً ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَنْجُوَيْهِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكَتِّبِ قَالَ : سُئِلَ مُجَاهِدٌ عَنْ رَجُلٍ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ، وَرَجُلٍ قَرَأَ الْبَقَرَةَ قِرَاءَتُهُمَا وَاحِدَةٌ ، وَرَكُوعُهُمَا ، وَسُجُودُهُمَا ، وَجُلُوسُهُمَا أيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟ ، قَالَ : الِّذِي قَرَأَ الْبَقَرَةَ ، ثُمَّ قَرَأَ « وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً »( الإسْرَاءُ 17/106) .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللهُ : جَمِيعُ مَا قُلْتُهُ يَنْبَغِي لأَهْلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَتَخَلَّقُوا بِجَمِيعِ مَا حَثَثْتُهٌمْ عَلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الأَخْلاقِ ، وَيَنْزَجِرُوا عَمَّا كَرِهْتُهُ لَهُمْ مِنْ دَنَاءَةِ الأَخْلاقِ . وَاللهُ الْكَرِيْمُ يَهْدِينَا وَإيَّاهُمْ إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ .
تَمَّ الْكِتَابُ ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .