• ×
الأربعاء 24 أبريل 2024 | 06-04-2024
×

الرد على شبهة عدم كتابة القرآن في العهد النبوي

0
0
382
 وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قبض لم يكن في أيدي قومه كتاب، ويستشهدون بما رواه الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قُبِضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ جُمِعَ فِي شَيْءٍ، ويستشهدون بقول عمر: إِنَّ القَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمَامَةِ بِقُرَّاءِ القُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بِالقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ القُرْآنِ، أي سبب الخوف هو قتل القراء، ولو كان القرآن قد جمع وكتب لما كانت هناك علة لخوف عمر.
وكلامهم ينم عن شدة جهلهم وسوء فهمهم، فهناك سيل من النصوص يدل على كتابة القرآن في العهد النبوي، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزلت عليه سورة دعا بعض من يكتب فقال: (( ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا)) [1]، وهذا الحديث يدل على اتخاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - كتبة للوحي.
وعن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نؤلف القرآن من الرقاع[2]، وهذا الحديث يدل على كتابة القرآن في حضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: " فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ العُسُبِ وَاللِّخَافِ، وَصُدُورِ الرِّجَالِ"[3]، وهذا الحديث يدل على أن القرآن كان مكتوبا في العهد النبوي على العسب واللخاف، وعَنْ أبِيْ سَعِيْدٍ الْخُدْرِيِّ، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: ((لاَ تَكْتُبُوْا عَنِّيْ شَيْئاً سِوَى القُرْآنِ، مَنْ كَتَبَ عَنِّيْ شَيْئاً سِوَى القُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ))[4]، وهذا الحديث يدل أن الصحابة كانوا يكتبون القرآن في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال السيوطي: " وَكَانَ النَّهْي أي عن كتابة الحديث - حِين خيف اخْتِلَاطه بِالْقُرْآنِ فَلَمَّا أَمن ذَلِك أذن فِيهَا وَقيل مَخْصُوص بِكِتَابَة الحَدِيث مَعَ الْقُرْآن فِي صحيفَة وَاحِدَة لِئَلَّا يخْتَلط فيشتبه على الْقَارئ" [5]، وعَنْ البَرَاء - رضي الله عنه -، يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ: ( لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ ) دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- زَيْدًا، فَجَاءَ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا، وَشَكَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ، فَنَزَلَتْ: (لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) (سورة النساء الآية 95) "[6]، وهذا الحديث يدل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أنزلت عليه سورة دعا بعض من يكتب ليكتبها.
وعَنِ ابْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ الْوَحْيَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-، وَكَانَ يَشْتَدُّ نَفَسَهُ ويَعْرَقُ عَرَقًا شَدِيدًا مِثْلَ الْجُمَانِ، ثُمَّ يُسَرَّى عَنْهُ، فَأَكْتُبُ وَهُوَ يُمْلِي عَلَيَّ، فَمَا أَفْرَغُ حَتَّى يَثْقُلَ، فَإِذَا فَرَغْتُ قَالَ: «اقْرَأْ» فَأَقْرَأَهُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ سَقْطٌ أَقَامَهُ [7]، وهذا الحديث يدل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له كُتَّاب يكتبون له الوحي، ثم يراجعهم فيما كتبوا، حتى إذا وجد خطأ أمرهم بإصلاحه.
وقول زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: قُبِضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ جُمِعَ فِي شَيْء أي قبض النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن القرآن جمع مرتب الآيات والسور في مصحف واحد، وهذا لا ينافي أن القرآن كتب في العهد النبوي مفرقاً.
أما قولهم لو كان القرآن قد جمع وكتب لما كانت هناك علة لخوف عمر، فهذا الفهم السقيم معارض بكثير من النصوص الدالة على كتابة القرآن في العهد النبوي، وكلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - واضح حيث قال: " إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحرّ القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن أي أنه يخاف أن يشتد قتل القراء أي مازال كثير من القراء موجودين.
وذهاب بعض القراء قد يعني ذهاب قراء آخرين فيما بعد أي يقل عدد حفظة القرآن ومن يحفظون الناس القرآن، والقرآن يؤخذ بالتلقي والسماع لا الكتابة والاعتماد على الحفظ لا الكلام المكتوب لاحتمال التصحيف والزيادة والنقص، والخوف من قلة عدد القراء الذين يرجع إليهم عند الاختلاف على آية، والخوف من قلة عدد من يحفظ الناس القرآن والخوف من قلة عدد من يحفظ القرآن لا يستلزم كون القرآن لم يكتب في العهد النبوي.
ــــــــــــــــــــــ
[1]- رواه الحاكم في المستدرك 2/ 221 وصححه ووافقه الذهبي
[2]- روه أحمد في مسنده 5/ 184 و 185، والحاكم في المستدرك 2/ 229 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم503.
[3]- جزء من حديث رواه البخاري في صحيحه 6/183 حديث رقم 4986
[4]- رواه مسلم في صحيحه 8/ 229 حديث رقم 3004
[5]- الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 6/303
[6]- رواه البخاري في صحيحه 4/24 حديث رقم 2831
[7]- المعجم الكبير للطبراني 5/142 حديث رقم 4888، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد:رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ وَرِجَالُ أَحَدِهِمَا ثِقَاتٌ 8/257