• ×
الخميس 28 مارس 2024 | 18-03-2024
الأذكار
×

القرآن صمام الأمان (4)

0
0
1147
 [B]أثر جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في تربية الوازع الديني والرقابة الذاتية
تربية الناشئة على كتاب الله - تعالى - وتعظيمه، والتدبر في مواعظه وزواجره، وحكمه وأسراره، وأحكامه وتشريعاته، وقصصه وأخباره من أعظم ما يملأ القلوب محبةً لله وإجلالاً له، وتعظيماً لشأنه، وتوقيراً لجنابه، وخوفاً من عقابه، ورجاء لثوابه، وحياء منه ومراقبة له، ورعاية لحقوقه وحقوق عباده، ولا شيء أردع للنفوس عن العنف والإجرام، وأزجر لها عن الظلم والعدوان من الوازع الديني، والرقابة الإيمانية، التي تزرع في النفس رقابة ذاتية تلازم صاحبها حيثما كان، وقد صدق القائل:
لا ترجع الأنفس عن غيها *** ما لم يكن لها من نفسها واعظ
وقد قص الله لنا قصة ابني آدم: حين حسد قابيل أخاه هابيل، وتوعده بالقتل ظلماً وعدواناً، فرد عليه أخوه بلسان المؤمن الذي يخاف الله، ويتورع عن ظلم العباد وانتهاك حرماتهم: (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين) [المائدة: 28ـ29]، فبين أنه ما يمنعه من قتل أخيه الذي هدده بالقتل إلا خوفه من الله، وخشيته أن يبوء بإثمه فيكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين، فهذا هو منطق أهل الإيمان، وحذرهم من الظلم والطغيان، وهكذا يكون تعظيمهم لأمر الدماء المعصومة، واحترامهم لحق الحياة الإنسانية الكريمة.
ولهذا قال الله - تعالى -في آية أخرى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ) [النساء: 92].
فبين أن الإقدام على القتل ظلماً وعدواناً ليس من شأن المؤمن الصادق في إيمانه، وما كان ينبغي لمثله أن يفعله، أو يتهاون بشأنه.
قال القرطبي في تفسير الآية: "وما ساغ لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ، إذ هو مغلوب فيه أحياناً...وتتضمن الآية على هذا إعظام العمد وبشاعة شأنه، كما تقول ما كان لك يا فلان أن تتكلم بهذا إلا ناسياً، إعظاماً للعمد والقصد مع حظر الكلام به البتة"[1]
ولا يفهم من قوله - تعالى -: (لمؤمن أن يقتل مؤمناً) جواز قتل الكافر للمسلم، أو قتل المسلم للكافر المعصوم كالذمي والمعاهد والمستأمن، فإن ذلك حرام في حق الجميع، ولكنه خص المؤمن بالذكر في الموضع الأول تأكيداً لحنانه وشفقته، وصدق أخوته ومحبته، وأن إيمانه من أعظم ما يحجزه عن الإقدام على القتل والتهاون به.
وأما في الموضع الثاني، فلأن أخاه المؤمن أقرب الناس إليه، وأكبرهم حقاً عليه، وأولاهم بمحبته ونصرته، والشفقة عليه والرحمة به، وحمايته ودفع الأذية عنه، فكان قتله له أعظم وأبشع من قتله لغيره.
ونظير ذلك قول النبي - عليه الصلاة والسلام -: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه))[2]، فبين أن المسلم الحق لا يظلم أخاه المسلم ولا يعتدي عليه، بل ولا يسلمه لعدوه، ويتخلى عن نصرته والدفاع عنه، فأخوة الإسلام تتناقض مع الظلم والعدوان.
ومن أبلغ ما يبين أثر الإيمان في الزجر عن القتل والعدوان، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الإيمان قَيْدُ الفتْك، لا يَفتك مؤمن))[3]
والفتك: هو القتل على حين غفلة وغِرّة، ومنه العمليات الإجرامية التي تستهدف نسف البيوت الآمنة، وتدمير المنشآت العامة، وإزهاق النفوس المعصومة، وسفك الدماء البريئة.
ومعنى الحديث: أن الإيمان يمنع المؤمن أن يقتل أحداً بغير حق، ويقيِّده عن الإقدام عليه، كما يمنع القيدُ صاحبه عن التصرف. [4]
ولهذا فإن منهج الإسلام في تحقيق الأمن ومكافحة الإجرام والعدوان يرتكز أساساً على إصلاح الإنسان وتزكيته، وتهذيب سلوكه وأخلاقه، وتعبيده لربه وخالقه، وتربيته على خوف الله - تعالى -ورجائه ومحبته، ومراقبته في خلوته وجلوته، وسره وعلانيته، والحياء منه أن يقع في معصيته أو يقعد عن طاعته، وبهذا يتكون لديه وازع ديني يحمله على فعل الخير، وعلى البعد عن الشر، ويحميه من الوقوع في المظالم والمنكرات، ويمنعه من ارتكاب الجرائم وانتهاك الحرمات، حتى وإن لم تصل إليه يد العدالة، وكان بعيداً عن رقابة السلطات الحاكمة، والأجهزة الأمنية القائمة.
بل ويهذب نفسه ويزكيها، ويسمو بها، ويرقّيها في سلّم الطهر والصلاح إلى درجة أن ينفر من تلك الجرائم والمظالم، ويستنكرها ويستبشعها، بل ويسعى جهده لمحاربتها والقضاء عليها، فيكون بذلك عضواً فعّالا في مكافحة الإجرام والعدوان، وفي تثبيت قواعد الأمن والاستقرار.
والجريمة تنشأ أول ما تنشأ في داخل نفس الإنسان، قبل أن يرتكبها في الخارج، ولهذا كانت محاربتها واستئصالها من داخل النفس الإنسانية، أعظم وسيلة للقضاء عليها، وإماتتها في مهدها. [5]
وهذا هو الذي قرره الإسلام لتحقيق الأمن ومحاربة الإرهاب والعدوان، إنه يبدأ بالقضاء على الجريمة في منبتها، والإحاطة بمنابعها قبل أن تنبع.
وأول إحاطة هي بالقلب البشري ذاته، منبع الخير في الإنسان إذا صلح، ومنبع الشر فيه إن فسد. [6]
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صَلَحت صلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) [7].
قال الدكتور يوسف القرضاوي: "في أعماق النفس الإنسانية قوة خفية لا تشاهد بالعين، ولا ترى بالمجهر، ولا يعرفها التشريح والفسيولوجيا -علم وظائف الأعضاء-، إنها قوة معنوية يحسها الإنسان في حناياه تهديه إلى الواجب، كأنها كشاف ينير له الطريق، وتنجذب به إلى الخير، كأنها الإبرة الممغنطة تُجذب دائماً نحو الشمال، وتدفعه عن الشر، كأنها صوت الأب يحذِّر ولده، أو الأستاذ ينصح تلميذه، فإذا خالف ما تأمر به أو اقترف ما تحذِّر، كانت هذه القوة محكَمة تقضي له أو عليه، تقضي له بالراحة والسرور والطمأنينة، أو تحكم عليه بالألم والقلق والعذاب.
هذه القوة الكاشفة الهادية، الآمرة الناهية، المحذرة المحرضة، الحاكمة المنفذة، هي التي سماها علماء الأخلاق "الضمير"، وسماها بعضهم "الوجدان"، وسماها الإسلام "القلب"، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لمن جاء يسأله عن البر والإثم: ((البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس، ولم يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المفتون))[8]
إنها قوة تسبق العمل، وتقارنه، وتلحقه، فتسبقه بالإرشاد إلى عمل الواجب والتحذير من المعصية، وتقارنه بالتشجيع على إتمام العمل الصالح والكف عن العمل السيئ، وتلحقه بالارتياح والسرور عند الطاعة، والإحساس بالألم والوخز عند العصيان.
والمجتمع، أي مجتمع، لا يرقى وينتظم ويسعد بسنّ القوانين، وإصدار القرارات، وتنظيم اللوائح، ويقظة رجال السلطة، وإن كان لا يستغني عن ذلك كله، وإنما يرقى وينتظم ويسعد، بوجود القلوب الحية، وتوافر الضمائر اليقظة بين أبنائه"[9].
وأعظم الوسائل التي شرعها الإسلام لإحياء القلوب، وتزكية النفوس، وإيقاظ الضمائر، وإيجاد الرقابة الذاتية التي تدفع إلى الخير والإحسان، وتزع عن الشر والعدوان، أمران:
الأمر الأول: غرس الإيمان بالله - تعالى -وباليوم الآخر في النفوس.
الأمر الثاني: تشريع العبادات.
أما الأول، فإن إيمان العبد بربه، وتوحيده له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وإيمانه بالجزاء والحساب في الآخرة، يجعل ضميره حياً متيقظاً، حريصاً على استباق الخيرات، والتجافي عن المعاصي والمنكرات.
إنه يعتقد أن الله معه حيث كان، في السفر والحضر، في الجلوة والخلوة، في الليل والنهار، لا تخفى عليه خافية، ولا يغيب عنه سرّ ولا علانية (ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم) [المجادلة: 7]، (وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعلمون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذا تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) [يونس: 61].
إنه يعلم أن الله - تعالى - مطلع عليه، يعلم سره وجهره، ويعلم ما يتلجلج في صدره، وما توسوس به نفسه، وما تطرف به عينه (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) [غافر: 19]، (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور * ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) [الملك: 13-14]، (عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال * سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) [الرعد: 9-10]، (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) [ق: 16]، (إن الله كان عليكم رقيبا) [النساء: 1].
ويؤمن المسلم كذلك بالدار الآخرة، وأن هذه الدنيا ليست داراً للخلود والاطمئنان، وإنما هي دار ابتلاء وامتحان، وعلى حسب عمل الإنسان فيها يكون جزاؤه في الآخرة، فإن كان محسناً، فجزاؤه الحسنى والنعيم المقيم، وإن كان مسيئاً، فجزاؤه الخزي والعذاب الأليم، كما قال ربنا - عز وجل -: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون * والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) [يونس: 26ـ27].
فهو موقن بأنه محاسب يوم القيامة على عمله، ومجزي بما كسبت يداه، وأن كل ما قدمه من قول أو فعل، فإنه مسجل محفوظ (في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى) [طه: 52]، (إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) [ق: 17-18]، (وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون) [الانفطار: 10-12].
وهذه السجلات الوافية، لن يطويها النسيان، ولن يمحوها مرور الزمان، بل هي محفوظة عند الله - تعالى -، حتى تنشر بين يدي صاحبها يوم الجزاء والحساب، فتكون حجةً شاهدةً له أو عليه (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) [الإسراء: 13-14]، (ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون * وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون * هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) [الجاثية: 27-29] وحين تنشر الكتب، ويرى الإنسان ما سجل عليه، يتذكر كل ما كان قد نسيه، ويدهش من دقة الإحصاء، وإحاطته بالصغير والكبير، والدقيق والجليل، ويشفق المجرمون من سوء ما عملوا (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا) [الكهف: 49]، (يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد) [المجادلة: 6].
وفي ذلك اليوم تنصب الموازين، وتوزن الأعمال صغيرها وكبيرها، حسنها وسيئها (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون) [المؤمنون: 102-103]، (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) [الأنبياء: 47] وتبلغ الحجة منتهاها حين تشهد على الإنسان أعضاؤه، وتخبر كل جارحة فيه بما كسبت (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون * يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين)[النور: 24-25].
وحينذاك يلوم الكافر أعضاءه ويوبخها، فعنها كان ينافح ويدافع، ومن أجلها كان يجادل ويماري، وقد صور الله لنا ذلك الموقف العصيب، حتى كأنه حاضر أمامنا نراه رأي العين فقال - عز وجل -: (ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون * حتى إذا ما جآءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون * وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون * وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون * وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين) [فصلت: 19-23].
ثم يجازى كل إنسان على عمله إن خيراً فخير، وإن شراً فشر (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) [الزلزلة: 7-8].
بهذه العقيدة في الله، وفي الجزاء في الآخرة، يصبح المؤمن ويمسي مراقباً لربه، محاسباً لنفسه، مفكراً في مآله وعاقبته، حريصاً على فعل الخير، بعيداً عن الظلم والشر، حذراً من الإيذاء والعدوان، لا يظلم ولا يخون، لا يتطاول ولا يستكبر، لا يجحد ما عليه، ولا يدّعي ما ليس له، لا يتلف مال غيره، ولا يهتك حرمته، ولا يسفك دمه، ولا يكدر طمأنينته، ولا يزعزع أمنه وراحته، ولا يشق عليه ويحزنه، ولا يفعل اليوم ما يخاف أن يعاقب عليه غدا. [10]
جاء في كتاب "يسألونك في الدين والحياة"[11]: "إن أكبر مقومات "الضمير" هو الاعتقاد بإله قادر، يحاسب على الكبائر والصغائر، ويطّلع على ما تكنه السرائر، وبحياة بعد هذه الحياة، يثاب أو يعاقب فيها الإنسان على ما قدمت يداه.
فكل تربية وكل تعليم لا يغنيان عن صاحبهما شيئاً ما دام ضميره مقفراً من هاتين العقيدتين، وهذا هو المشاهد المحسّ، فإن الناس في أيام جهالتهم وعدم انتشار التعليم فيهم، كانوا بفضل هاتين العقيدتين أفضل حالاً، وأقوم أخلاقاً مما هم عليه اليوم.
والمراقبة لله من الداخل وفي الأعماق، هي التي تحسن قيادة الأعضاء والأطراف، فلا يكون من الإنسان ما يسوء أو يعاب في تصرفاته أو حركاته.
وحيثما كانت هذه المراقبة متحققة في أبناء الإسلام، كان الحياء من الله يسيطر عليهم، فيعصمهم من الخلل والزلل، حتى في حالة الانفراد وعدم إطلاع الناس".
إن الضمير الذي يربيه الإيمان بالله واليوم الآخر، ضمير حي متيقظ، مرهف الحساسية، شفاف الشعور، تجد صاحبه يحاسب نفسه قبل العمل: لماذا أعمل؟ ولمن سأعمل؟ ويحاسب نفسه بعد العمل: ماذا عملت؟ ولماذا عملت؟ وكيف عملت؟.
قال الحسن البصري في قوله - تعالى -: (ولا أقسم بالنفس اللوامة) [القيامة: 2]: "إن المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه: ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قدماً ما يعاتب نفسه"[12].
وقال أيضا: "المؤمن قوّام على نفسه يحاسبها لله - عز وجل -، وإنما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة، إن المؤمن يفجؤه الشيء يعجبه، فيقول: والله إني لأشتهيك، وإنك لمن حاجتي، ولكن والله ما صلة إليك، هيهات، حيل بيني وبينك، ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول: هيهات، ما أردت إلى هذا؟ وما لي ولهذا؟ والله ما أعذر بهذا، والله لا أعود إلى هذا أبدا إن شاء الله"[13].
ومن كان هذا شأنه، فإنه أبعد الناس عن الظلم والإجرام، وأكثرهم حذراً من العنف والعدوان، وأقربهم إلى البر والتقوى، وأحرصهم على الخير والحسنى.
وأما الأمر الثاني الذي شرعه الإسلام لتربية النفوس وإحياء القلوب والضمائر، فهي العبادات بأنواعها، واجبة كانت أو مستحبة.
وأول هذه العبادات وآكدها الصلاة المفروضة التي تتكرر كل يوم خمس مرات، والصلاة صلة بين العبد وربه، يقف بين يديه، ويمجده ويثني عليه، ويدعوه ويبث الشكوى إليه، ويجدد العهد معه على طاعته، والاستقامة على شريعته، ويسأله الهداية والإعانة، والتوفيق والتسديد، فيرتفع منسوب الإيمان في قلبه، ويشعر بقربه من ربه، ويزداد شرفاً وعزةً، وراحةً وطمأنينةً.
فالصلوات للروح أشبه بالوجبات للجسم، يبدأ المسلم يومه بصلاة الصبح، ثم يخوض غمار الحياة كادحاً مكابداً، بعد أن تزود بهذا الزاد الروحي.
ثم كلما غرق في لجج الحياة اليومية، وانهمك في مشاغلها وبهرجها، قام المؤذن يناديه: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فلا تكاد الدنيا تشغله، حتى تأتيه صلاة الظهر، ثم صلاة العصر، ثم صلاة المغرب.
وكما بدأ يومه مع الله في صلاة الصبح، فإنه يختمه بلقائه معه في صلاة العشاء[14]، فينام قرير العين، هادئ البال؛ لأنه قام بواجبه تجاه ربه، وهو لذلك يطمع في محبته وقربه، ويشعر بأن الله معه، يحفظه ويكلؤه، ويعينه ويسدده، ويهديه ويوفقه، كما قال - تعالى -: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) [البقرة: 153]، وقال: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) [النحل: 128]، وقال - سبحانه -: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) [العنكبوت: 69].
قال قتادة: "من يتق الله يكن معه، ومن يكن الله معه، فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل" [15].
وقد بين الله - عز وجل - ما يترتب على الصلاة من أثر فعال في تهذيب النفس وتقويم السلوك، والوقاية من الفواحش والمنكرات، فقال - تعالى -: (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) [العنكبوت: 45]، فأفادت الآية أن الصلاة تحمل على ترك المعاصي كلها صغيرها وكبيرها.
فالفحشاء: كل قبيح تناهى قبحه، واستفحشه كل ذي عقل سليم، وظهر قبحه لكل أحد.
والمنكر: كل معصية تنكرها العقول السليمة والفطر المستقيمة. [16]
ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر: أن العبد المقيم لها كما أمره الله بخشوع وخضوع، وإتمام لأركانها وشروطها، يستنير قلبه، وتزكو نفسه، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وينقمع الداعي له إلى الشر، فإذا داوم عليها على هذا الوجه كانت بالضرورة سبباً لاستقامته، وكفه عن الفحشاء والمنكر، وهذا من أعظم مقاصد الصلاة وثمراتها. [17]
كما أن المداومة عليها سبب لطمأنينة القلب، وسكينة النفس، وراحة البال، وانشراح الصدر، فالصلاة هي العون للمحتاج، والراحة للمضطرب، والأمان للخائف، وهذا من شأنه أن يشبع الفراغ النفسي الذي قد يدفع صاحبه إلى الجريمة والانحراف. [18]
كما أن الصلاة مع الجماعة سبب لتأليف القلوب، وتحقيق التواصل والتكافل بين المؤمنين، فالمسجد يضم أهل الحي في كل يوم خمس مرات، تتلاصق فيها الأبدان، وتتعارف فيها الوجوه، وتتصافح فيها الأيدي، وتتناجى فيها الألسن، وتتآلف فيها القلوب، ويلتقون على وحدة الغاية والوسيلة، وأي وحدة أبلغ وأعمق من وحدة المصلين في الجماعة، يصلون خلف رجل واحد هو الإمام، ويناجون رباً واحداً هو الله، ويتلون كتاباً واحداً هو القرآن، ويتجهون إلى قبلة واحدة هي الكعبة البيت الحرام، ويؤدون أعمالاً واحدة من قيام وقعود، وركوع وسجود.
وحدة نفذت إلى اللباب ولم تكتف بالقشور، وحدة في النظرة والفكرة، وحدة في الغاية والوجهة، وحدة في القول والعمل، وحدة في المخبر والمظهر، وحدة يشعرون فيها بروح الآية الكريمة: (إنما المؤمنون إخوة) [الحجرات: 10][19]
وفي المسجد تختفي فوارق المكانة والثروة والجنس واللون، ويعم أرجاءه جوّ قشيب من الإخاء والمساواة والمحبة، وإنه لأيم الحق لنعمة كبرى أن يكون في مكنة الإنسان التمتع خمس مرات يومياً بجو من السلام التام وسط عالم يسوده الصراع والنضال، وبجو من المساواة على حين يكون التباين هو النظام السائد، وبجو من المحبة في معمعة الأحقاد الوضعية، والتنابذات والخصومات المفعمة بها الحياة اليومية.
إنها حقاً لمن أجزل النعم؛ لأنها العبرة الجلّى من الحياة، فليس للإنسان بدّ من أن يعمل وسط التباين والنضال والصراع، ومع ذلك ينتزع نفسه من كل هذا خمس مرات، ليكتنه حقيقة المساواة والإخاء والمحبة، من حيث إنها هي المصادر الحقيقية للسعادة الإنسانية. [20]
ثم يلي الصلاة: الزكاة، التي هي الركن الثالث من أركان الإسلام.
وقد فرضها الله - تعالى -مواساةً للفقراء، وتحقيقاً للتكافل بينهم وبين الأغنياء، كما أنها سبب لتزكية نفس صاحبها، وتطهيرها من الشح والبخل، ومن أوضار الذنوب والمعاصي، وهي كذلك سبب لتطهير ماله وتنميته ومباركته، قال الله - تعالى -: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) [التوبة: 103].
ولهذا كانت الزكاة من أكبر أسباب تحقيق الأمان، ومكافحة الإرهاب والعدوان، وإشاعة التعاطف والتراحم، وتأكيد الأخوة والمحبة بين المؤمنين.
ثم يلي الزكاة: صيام شهر رمضان، الذي هو الركن الرابع من أركان الإسلام. حيث يمسك المسلم فيه عن الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس.
وقد بين الله - تعالى -الحكمة من الصيام فقال: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) [البقرة: 183] فالغرض من الصيام، هو تحصيل التقوى للصائم، والتقوى: هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، وذلك بفعل طاعته واجتناب معصيته. [21]
والتقوى، جماع كل خير، وداعية لكل فضل وبر، ومانعة من كل فاحشة ومنكر. وقد كان الصيام من أكبر أسبابها لما يأتي:
1- أن الصائم يكون في المكان الخالي الذي لا يراه فيه أحد من الناس، وهو يتلمظ من العطش، ويتلوى من الجوع، وعنده الطعام والشراب، فلا يأكل ولا يشرب، ولا يفعل شيئا من المفطرات؛ امتثالاً لأمر الله - تعالى -، ورجاءً لثوابه، وخوفاً من عقابه.
وهذا الامتناع عما تهواه نفسه مع قدرته على الوصول إليه خفيةً دليلٌ على استشعاره اليقيني لمراقبة الله - تعالى -له، واطلاعه عليه. [22]
كما أنه يحرص في حال صومه على كفّ نفسه عن المحرمات التي تنقص أجره، وتفسد صومه، وتغضب ربه.
وفي الحديث القدسي: ((كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي)) [23].
وهذه هي حقيقة التقوى: أن تترك ما تحبه نفسك من أجل ما يحبه الله، وأن تحمل نفسك على القيام بأمر الله، والنأي بها عن معصيته، محبة له، ورغبة في ثوابه، وخوفا من غضبه وعقابه.
قال طلق بن حبيب: "التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله" [24].
2- أن الصيام يدرب المسلم على الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على ألم الجوع والعطش والأقدار المؤلمة.
كما أنه يربي فيه قوة الإرادة، التي تستعلي على أهوائه وشهواته، وتكفه عن المحرمات، وتدفعه إلى المسابقة إلى الخيرات، والمنافسة في مجال الباقيات الصالحات.
فالصائم قد تعود على أن يأكل في اليوم عدة وجبات، وأن يشرب كلما أحس بالظمأ، وأن يتناول ما تشتهيه نفسه من طعام وشراب متى شاء، فإذا جاء رمضان أمسك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، والماء والطعام بين يديه، فلا يشتف منه جرعة، ولا يأكل منه لقمة.
فإذا كان يفعل ذلك شهراً كاملاً ويمسك عما أحل الله له في الأصل في غير الصيام من طعام وشراب، فلأن يمتنع عما حرم الله عليه من المطاعم والمشارب وأكل أموال الناس بالباطل، من باب أولى وأحرى!!.
وإذا كان يحبس نفسه عن مجامعة زوجته حال صومه طوال شهر رمضان، فلأن يحبسها عن ارتكاب الفواحش، من باب أولى وأحرى.
كما أن الصيام يعوّد الإنسان على أن يمسك لسانه عن الفحش في القول، والبذاءة في الكلام، واللغو في الحديث.
فلا يتم التقرب إلى الله - تعالى -بترك تلك الشهوات المباحة في غير حال الصيام، من أكل وشرب وجماع، إلا بعد التقرب إليه بترك ما هو محرم في كل حال، من الكذب، والفحش، والظلم، والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم. [25].
وهذا وإن كان محرماً في كل وقت، إلا أن حرمته في رمضان أشد، فليس الصيام مجرد الإمساك عن الطعام والشراب، بل هو إمساك عن كل ما حرم الله، وصوم عن كل ما نهى الله عنه من الأقوال والأفعال.
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أي يدع طعامه وشرابه)) [26]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث)) [27].
كما أن الصوم يعود المسلم على الحلم وضبط النفس وكظم الغيظ، وعدم الاستجابة لداعي الغضب والانتقام، وفي هذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم)) [28].
وإذا اعتاد المسلم شهراً كاملاً على ضبط النفس، وعدم الانتصار لها فيما أباحه الله له من درء السيئة بمثلها، فأحرى به ألا تأخذه العزة بالإثم، فيأخذ أكثر من حقه، وأن يعف عن ظلم الناس والاعتداء عليهم ابتداءً بغير حق. وبهذا ينكفّ عن الظلم والاعتداء، ابتداءً واستيفاءً. [29].
وبهذا نعلم أن الصوم وسيلة مهمة للتدريب على الصبر، وتربية الإرادة الحازمة، فما الصائم إلا رجل يمارس في نفسه التغلب على اللذة المباحة، حتى يستطيع التغلب على اللذة الآثمة، ومدافعة العوامل التي توقعه في الظلم والجريمة، كما يتعهد نفسه بالامتناع عن المأكل والمشرب مختاراً، حتى يستطيع الصبر على الجوع والعطش حين يضطر إلى ذلك اضطراراً. [30]
3- أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، ويضعف قوته، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فإذا جاع العبد بسبب الصيام، ضعف فيه نفوذ الشيطان، وقلت رغبته في الظلم والعصيان. [31].
قال الفخر الرازي: "الصوم يورث التقوى، لما فيه من انكسار الشهوة، وانقماع الهوى، فإنه يردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهوّن لذات الدنيا ورياستها؛ وذلك لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، وإنما يسعى الناس لهذين... فمن أكثر من الصوم هان عليه أمر هذين وخفّت عليه مؤنتهما، فكان ذلك رادعا عن ارتكاب المحارم والفواحش، ومهوناً عليه أمر الرياسة في الدنيا، وذلك جامع لأسباب التقوى"[32].
وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصوم يقمع الشهوة ويكسرها، وذلك في قوله: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)) [33][34].
ولذلك إذا جاء رمضان أظل المجتمع المسلم كله جو من الطهارة والنظافة، والخشية والإيمان، والإقبال على الخير وحسن الأعمال، وعم انتشار الفضائل والحسنات، واشتدت المنافسة بين المؤمنين في مجال الباقيات الصالحات، وكسدت سوق المنكرات، واعترى أهلها الخجل من اقترافها، أو إعلانها والمجاهرة بها، وقوي التعاون بين الناس على أعمال البر والإحسان، ونمت في الأغنياء عاطفة البذل والعطاء، والمساعدة لإخوانهم الفقراء، وكل ذلك يكوّن فيهم الشعور العام بأنهم جميعاً أمة واحدة، وجسد واحد، وبناء متماسك يشد بعضه بعضاً، وأنهم يسيرون على منهج واحد، ويسعون إلى غاية واحدة، فتتوثق فيهم عواطف المحبة والأخوة، والمواساة والنصرة، والتعاون والوحدة. [35]
4- أن الصائم تكثر طاعته في الغالب، والطاعات من خصال التقوى، وقد امتاز شهر رمضان بكثرة المنافسة بين المؤمنين في الطاعات، وحرصهم فيه على اغتنام الأوقات والتعرض للنفحات. [36]
5- أن الغني إذا ذاق ألم الجوع والحرمان، أوجب له ذلك الإحساس بحاجة الفقراء والمعدمين، وسعى إلى مواساتهم ومد يد العون لهم، فهو يثير في نفوس المؤمنين مشاعر العطف والرحمة، والتحسس بآلام الآخرين، ويدفعهم إلى التواصل والتكافل. وهذا من خصال التقوى. [37]
كما أن الإحساس بالجوع يذكره بنعمة الله عليه بالغنى، ويوجب له شكر هذه النعمة. [38]
ثم يلي الصوم: حج بيت الله الحرام، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام.
والحج: هو الرحلة الروحية البدنية، التي يفارق فيها المسلم وطنه وبيته، ويدع أهله وعشيرته، مهاجراً إلى الله، قاصداً لعبادته، باذلاً من نفسه وماله ووقته، ومحتملاً للمكاره والمشاق في ذات الله، حتى يصل إلى الأرض المقدسة حيث قبلة المسلمين وأول بيت وضع لعبادة الله في الأرض، وحيث ذكريات إبراهيم وإسماعيل وهاجر، ومن حج بيت الله من أنبيائه والصالحين من عباده، ثم ذكريات محمد - صلى الله عليه وسلم - وعبادته ودعوته، وصبره ومجاهدته. [39]
وما إن يخرج الحاج من بلده، قاصداً بيت الله الحرام، حتى تستشرف نفسه إلى الفوز برضوان الله - تعالى -ومغفرة ذنوبه، فيبادر إلى التوبة، ويسعى إلى التطهر من الذنوب والخطايا، والانخلاع من جميع الموبقات والمعاصي، ويقوى هذا الهاجس في نفسه حين الدخول في الإحرام.
وقد أرشد الله - تعالى -إلى ذلك في قوله: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله) [البقرة: 197].
والرفث: هو الجماع ومقدماته القولية والفعلية.
والفسوق: هو الخروج عن طاعة الله - تعالى -بمعصيته، وهو يشمل جميع المعاصي، ومنها محظورات الإحرام.
والجدال: هو المماراة والمخاصمة على سبيل المنازعة والمغالبة. [40]
والفسوق والجدال المنهي عنه، كلاهما يسبب الشر والإيذاء، ويهيج على الظلم والاعتداء، والمقصود من الحج: التذلل لله والانكسار بين يديه، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات.
وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل زمان ومكان، فإنه يتغلظ المنع عنها في الحج[41]، فإذا أدرك الحاج خطورتها، وفطم نفسه عنها مدة حجه، كان جديراً به أن يبتعد عنها بعد الحج الذي يرجو به حصول تطهيره ومغفرة جميع ذنوبه.
وحين يصل الحاج إلى الميقات، يتجرد من ثيابه المعتادة بما تحمله من مظاهر التفاوت والطبقية والإقليمية ليلبس ثياباً أشبه بثياب الموتى، مستعلياً على الدنيا ومظاهرها الخداعة، ومفكراً في مصيره الذي لا بد له منه، حيث يجرد من ثيابه، ويلف في أكفان تشبه ثياب الإحرام. [42]
ثم يتجه إلى الله بقلبه ولسانه، رافعاً عقيرته بالتلبية، التي يعلن فيها طاعته لربه، واستجابته لأمره، ويقر فيها بوحدانيته، ويبرأ فيها من الشرك في جميع أشكاله وصوره ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)) [43]
وما إن يصل إلى بيت الله الحرام الذي يتوجه إليه المسلمون في صلواتهم في أصقاع الأرض، ويقصدون حجه في كل عام، حتى يخفق قلبه بالمحبة والتعظيم لهذا البيت العظيم، وتعتمل في نفسه معاني المحبة والخشوع والإخبات لرب هذا البيت، ثم يرى المسلمين قد اجتمعوا من شتى بقاع المعمورة، ويمثّلون فيه أمة الإسلام على اختلاف أجناسها، وبلدانها، وألوانها، ولغاتها وهم يطوفون حول البيت سواسية كأسنان المشط، لا فرق بين عربي وعجمي، وأبيض وأسود، وأمير ومأمور، وهذا هو حالهم في جميع عرصات مكة والمشاعر المقدسة: في عرفات ومزدلفة ومنى. إنها وحدة القلوب المؤمنة في اتجاهها إلى إله واحد، وقيامها بعبادة واحدة، في مكان واحد، وزمان واحد، ولباس واحد. [44].
وحين يجتمع الحجاج كلهم في صعيد عرفات، حاسري الرؤوس، داعين مبتهلين، يتذكر الحاج بذلك اجتماع الناس يوم الحشر والحساب، يوم يقوم الناس لرب العالمين (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) [آل عمران: 30].
يتزود المسلم في الحج بهذا الزاد الروحي، فيعود من رحلته، وهو أقوى إيماناً، وأطهر قلباً، وأنقى سريرة، وأقوى عزيمة على الخير، وأصلب عوداً أمام مغريات الشر.
ويعود وهو أكثر اعتصاماً بحبل الله، وارتباطاً بإخوانه المسلمين، ومحبةً لهم، وتعاطفاً معهم، وحرصاً على مصالحهم.
ويعود وقد فتح صفحة جديدة من حياته في طاعة الله، بعد أن عاهد الله على الاستقامة على دينه، وابتهل إليه أن يطهره من ذنوبه، وهو يطمع أن يكون ممن شملهم هذا الجزاء الكريم الذي أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((من حجّ، فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) [45]
وبعد، فقد تبين من خلال ما سبق: أن هذه العبادات المفروضة لها أكبر الأثر في تقويم الإنسان وإصلاحه، وتهذيب أخلاقه وسلوكه، وغرس مراقبة الله - تعالى -ومحبته في نفسه، وتوثيق علاقته بإخوانه، وتمتين صلته بهم. [46]
وفوق هذه الفرائض الأساسية التي هي الحد الأدنى لقيام العبد بواجبه تجاه ربه، يفتح الإسلام باب التطوع بالخيرات، والتقرب إلى الله بالنوافل والمستحبات، من صلوات بعد الخمس المكتوبة، ومن صيام بعد رمضان المفروض، ومن صدقة بعد الزكاة الواجبة، ومن حج وعمرة بعد حجة الفريضة. (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) [المطففين 26]، وفي الحديث القدسي عن الله- تبارك وتعالى -أنه قال: ((وما تقرّب إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)) [47].
والمعنى: أن من تقرب إلى الله بالفرائض، واجتهد في التقرب إليه بالنوافل، أحبه الله وأدناه، وهداه وسدده، وأعانه ووفقه، وملأ قلبه بالإيمان والتقوى، فلا ينصت بسمعه إلى حرام، ولا يطلق بصره في حرام، ولا يبطش بيده في حرام، ولا يمشي برجله إلى حرام، ولا تنبعث جوارحه إلا بما يرضي الله - تعالى -، ولا يتصرف إلا فيما يحبه الله، فيرتقي من درجة الإيمان إلى درجة الإحسان، ويعبد الله على الحضور والمراقبة كأنه يراه. [48]
ومن هذه العبادات التي تقوي الإيمان، وتملأ القلب محبة لله - تعالى -ورجاء وخشية ومراقبة: تلاوة القرآن وحفظه ومدارسته، وهو ما تقوم به حلقات تحفيظ القرآن الكريم للفتيان والفتيات، فيقرأون كل الآيات التي ذكرتها آنفاً وغيرها مما هو في معناها، فيتعظون بها، ويعملون بمقتضاها.
وليس المقصود بهذه العبادات فرضها ونفلها: أن تصل المسلم بخالقه لحظات أدائها فقط، ثم ينفرط عقده بعد ذلك، ويخلد إلى الأرض، ويتبع هواه.
كلا، فإن مهمة هذه العبادات أن تصل العبد بربه، وتغرس في نفسه مراقبته ومحبته، ورجاء مثوبته، والخوف من عقوبته، وتقوي عزمه على استباق الخيرات، والصبر عن المعاصي والمنكرات.
لا يرضى الإسلام أن يكون المسلم "ربانيا" في المسجد، يركع ويسجد، ويخضع ويخشع، ويبتهل ويتضرع، ثم إذا خرج من المسجد انقلب من رباني إلى "حيواني"، أو " شيطاني".
ولا يرضى من المسلم أن يكون "ربانيا" في رمضان، فإذا طويت أيامه، طويت معها العبادة والطاعة لله، كأنما كان يعبد رمضان، لا رب رمضان.
ولهذا كان بعض السلف يقولون: كن ربانياً ولا تكن رمضانياً. [49]
ولا يرضى من المسلم أن يكون "ربانياً" طالما كان متلبساً بمناسك الحج أو العمرة، ومجاوراً للمسجد الحرام، أو المسجد النبوي، والمشاعر المقدسة، فإذا أتم نسكه، وقضى حجه أو عمرته، أو زيارته، وكرّ راجعا إلى أهله، نسي الجوّ الإيماني الذي كان يعايشه، وغرق في لجة الحياة المادية، كما يغرق الغافلون.
أجل، لا يرضى الإسلام ذلك للمسلم، وإنما يريد له صلة دائمة بمولاه، في المسجد، والطريق، والبيت، والعمل، في رمضان وشوال وسائر الشهور، في مكة والمدينة والمشاعر المقدسة، وبعد العودة إلى الأوطان، في كل مكان، وكل زمان، وكل حال[50]، كما قال ربنا - عز وجل -: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) [الأنعام: 162] إنه التجرد الكامل لله، بكل خالجة في القلب، وبكل حركة في الحياة، بالصلاة والنسك[51]، بالمحيا والممات، بالشعائر التعبدية، وبالحياة الواقعية، وبالممات وما وراءه.
إنها العبودية الكاملة في كل زمان ومكان وحال، عبودية تجمع الصلاة والذبح والمحيا والممات، وتخلصها لله وحده (لله رب العالمين)، استسلام كامل لا يستبقي في النفس ولا في الحياة بقية لا يعبّدها لله وحده لا شريك له. [52].
ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)) [53].
ولأجل هذا، كان الواجب على كل المؤسسات التربوية والتوجيهية، وعلى كل من تولى شيئاً من أمور المسلمين، بدءاً بالولاية العظمى، إلى ولاية الرجل في بيته وأهله، أن تعمل متضافرة على تربية من تحت يديها تربية إسلامية أصيلة، وأن تبذل وسعها لتعبيدهم لربهم، وتزكية نفوسهم، وحثهم على القيام بما يجب عليهم من حقوق الله - تعالى -وحقوق عباده.
الأسرة، باعتبارها المدرسة الأولى والمهمة للتربية السليمة، والتنشئة الصالحة المستقيمة.
والمساجد، بخطبها، ودروسها، وحلقاتها، ومواعظها، ودورها الكبير في التربية والتوجيه، ورسالتها الجليلة في الدعوة والإصلاح.
والمدارس والجامعات، باعتبارها من أهم وسائل التربية والتعليم.
ووسائل الإعلام المختلفة، من مرئية ومسموعة ومقروءة، باعتبارها سلاحاً ذا حدّين، وأدوات لها نتائجها، بحسب ما يبث فيها، وينشر من خلالها.
فإن سخّرت لنشر الخير، وتثبيت العقيدة الصحيحة، وتدعيم الأخلاق الفاضلة، والقيم العليا، كانت وسيلة لا تضاهى في الإصلاح والبناء، وإن سخرت لضد ذلك، كانت شراً مستطيراً، وبلاءً خطيراً، يهدم الدين، ويحطّم الأخلاق، ويدمر القيم، ويثبط العزائم والهمم، ويضيّع الأعمار فيما يضر ولا ينفع، ويجر الأمة نحو التحلل والانهيار، وإهمال مصالح الدنيا والآخرة.
ولحلقات تحفيظ القرآن الكريم دور كبير، وأثر بالغ في تحقيق هذه الربانية، وتربية الناشئة عليها، فهي تضطلع بمهمة جليلة، وتؤدي واجباً عظيماً، يسهم مساهمة فاعلة في بناء الأجيال، وتربية الرجال، وصناعة الأبطال.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي: "كل أدوات التأثير والتوجيه يجب أن تتعاون جميعا في تحقيق "الربانية" وتأكيدها وتثبيتها في النفس والحياة...، ولا يجوز في نظر الإسلام أن يترك للمساجد وحدها مهمة تأكيد "الربانية"، وتثبيت مبانيها، وتوضيح معانيها، في حين تعمل المؤسسات التوجيهية والإعلامية والتثقيفية الأخرى على إشاعة معانٍ أخرى تناقض الربانية، أو تشكك فيها، أو تنتقصها من أطرافها.
وكيف يؤدي المسجد رسالته، إذا كانت الأجهزة الأخرى - وهي تصابح الناس وتماسيهم بإمكاناتها الرهيبة - تخفض ما يعليه، وتهدم ما يبنيه؟
وهل يبلغ البنيان يوماً تمامه *** إذا كنت تبنيه وغيرُك يهدِمُ؟!
على أن كل مؤسسة في مجتمع الإسلام لا تستمد حق بقائها فيه إلا بمقدار ما تسهم به في الحفاظ على ربانيته، التي هي أساس وجوده، سواء كان هذا الإسهام مباشرة، أم غير مباشرة، من قريب أم من بعيد، بل يأمر الإسلام بهدم كل مؤسسة لا تقوم على تقوى من الله ورضوان، ولو اتخذت صورة المسجد الذي تؤدى فيه الصلاة ظاهرا، كما أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بهدم مسجد الضرار، الذي اتخذه المنافقون ضراراً، وكفراً، وتفريقاً بين المؤمنين، وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل"[54].
والكلام عن دور الأسرة في التربية، ودور المدرسة، والمسجد، ووسائل الإعلام، وغيرها من وسائل التوجيه والتأثير، أمر يطول. [55]
والأصل الجامع لذلك كله قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الأعظم الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده، وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)). [56]
................................
[1] تفسير القرطبي 5/313.
[2] رواه البخاري: 2310، ومسلم: 2580.
[3] رواه أبو داود: 2769. وحسنه السيوطي في الجامع الصغير 1/478. وقال الأرناؤوط في تحقيقه لجامع الأصول 10/209: "وإسناده ضعيف، ولكن له شواهد يقوى بها".
[4] انظر: معالم السنن للخطابي مع سنن أبي داود 3/213، وجامع الأصول 10/209.
[5] انظر: أثر تطبيق الشريعة الإسلامية في منع الجريمة ص: 29.
[6] انظر: حول تطبيق الشريعة ص: 94.
[7] رواه البخاري: 52، ومسلم: 1599.
[8] رواه أحمد 4/228، والدارمي 2/245-246. وحسنه النووي في رياض الصالحين ص: 254، وفي "الأربعين النووية وشرحها" ص: 52. وانظر: جامع العلوم والحكم 2/93.
[9] الإيمان والحياة ص: 191-192. وإن شئت المزيد في المراد بالرقابة الذاتية وأثرها في حياة الإنسان، فانظر: التربية الإسلامية ودورها في مكافحة الجريمة ص: 84-92، وأثر العقيدة في بناء الفرد والمجتمع ص: 111-120، وجولة في ذات المسلم ص: 27-42.
[10] انظر: الإيمان والحياة 193-195، وجولة في رياض العلماء وأحداث الحياة ص: 44-47، ويسألونك في الدين والحياة 4/244-245.
[11] 4/246.
[12] محاسبة النفس والإزراء عليها لابن أبي الدنيا ص: 24، وتفسير القرآن العظيم 8/300.
[13] محاسبة النفس والإزراء عليها 60-61.
[14] انظر: الخصائص العامة للإسلام ص: 27-28، وأثر الإيمان والعبادات في مكافحة الجريمة، بحث للدكتور: مناع القطان، ضمن كتاب "الشريعة الإسلامية ومكافحة الجريمة"، الكتاب الأول من سلسلة التشريع الجنائي الإسلامي ص: 165-166.
[15] حلية الأولياء 2/340، ونور الاقتباس من مشكاة وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس، ص: 52.
[16] انظر: مدارج السالكين 1/371، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 4/63.
[17] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 4/63-64.
[18] انظر: منهج القرآن في حماية المجتمع من الجريمة 2/52-53.
[19] انظر: العبادة في الإسلام للقرضاوي، ص: 241-242.
[20] انظر: المصدر السابق ص: 462.
[21] انظر: جامع العلوم والحكم 1/398.
[22] انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/143، ودروس رمضان ص: 9.
[23] رواه البخاري: 1894، ومسلم: 1151.
[24] حلية الأولياء 3/64، وجامع العلوم والحكم 1/400.
[25] انظر: لطائف المعارف ص: 163.
[26] رواه البخاري: 1903.
[27] رواه ابن خزيمة: 1996، والحاكم 1/430-431، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" 1/452.
[28] رواه البخاري: 1894، ومسلم: 1151.
[29] انظر: أثر الإيمان والعبادات في مكافحة الجريمة، بحث للدكتور: مناع القطان، ضمن كتاب " التشريع الجنائي الإسلامي "، الكتاب الأول ص: 167-169، والعبادة في الإسلام للقرضاوي ص: 291-292.
[30] انظر: أحكام الصيام وفلسفته ص: 62، وفضائل رمضان وأحكامه ص: 47.
[31] انظر: لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ص: 163، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/143، ومنهج القرآن في حماية المجتمع من الجريمة 2/71.
[32] التفسير الكبير 5/76.
[33] قال ابن الأثير في جامع الأصول 11/428: "الوجاء: نوع من الخصاء، وهو أن ترضّ عروق الأنثيين. والمراد: أنه يقطع شهوة الجماع".
[34] رواه البخاري: 5065، 5066، ومسلم: 1400.
[35] انظر: مباديء الإسلام، ص: 136-137.
[36] انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/143، ومنهج القرآن في حماية المجتمع من الجريمة 2/73.
[37] انظر: لطائف المعارف ص: 163، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/143-144، وفضائل رمضان وأحكامه ص: 47.
[38] انظر: لطائف المعارف ص: 163.
[39] انظر: الخصائص العامة للإسلام ص: 28، والعبادة في الإسلام 296-297، وأثر الإيمان والعبادات في مكافحة الجريمة، بحث للدكتور: مناع القطان، ضمن كتاب "الشريعة الإسلامية ومكافحة الجريمة"، الكتاب الأول من سلسلة التشريع الجنائي الإسلامي ص: 169.
[40] تفسير القرآن العظيم 1/344-347، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/157.
[41] نظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/157
[42] انظر: الخصائص العامة للإسلام ص: 28، والعبادة في الإسلام ص: 298-306، وأثر الإيمان والعبادات في مكافحة الجريمة، بحث للدكتور: مناع القطان، ضمن كتاب "الشريعة الإسلامية ومكافحة الجريمة"، الكتاب الأول من سلسلة التشريع الجنائي الإسلامي ص: 169.
[43] عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: (أن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لبيك اللهم لبيك، لبيك... ) رواه البخاري: 1549، ومسلم: 1184.
[44] والكلام عن أثر العبادات في تحقيق الأخوة والمساواة، وتوحيد الصفوف وتأليف القلوب، كلام طويل جداً. وإن شئت المزيد في هذا فانظر: إحياء علوم الدين للغزالي، وزاد المعاد لابن القيم، وحجة الله البالغة للدهلوي، ومباديء الإسلام للمودودي، والأركان الأربعة للندوي، وفلسفة الشريعة للزلمي، والإسلام عقيدة وشريعة لشلتوت، وروح الدين الإسلامي لطبارة، والعبادة في الإسلام للقرضاوي، ومنهج القرآن في التربية لمحمد شديد، ومنهج القرآن في تربية المجتمع لعبدالفتاح عاشور، والعبادات في الإسلام وأثرها في تضامن المسلمين لمحمد نبيل غنايم.
[45] رواه البخاري: 1521، ومسلم: 1350.
[46] إن شئت المزيد في أسرار العبادات وأثرها في التربية والتهذيب، فانظر: الأركان الأربعة للندوي، والعبادة في الإسلام للقرضاوي، وأسرار العبادات في الإسلام لعبد العزيز الأهل، والعبادة في الإسلام: مفهومها وخصائصها لشعبان إسماعيل، وأركان الإسلام الخمسة: أحكامها وأثرها في بناء الفرد والمجتمع لرفعت فوزي عبد المطلب، والعبادات وأثرها في التربية والتهذيب لمحمد محمود، والعبادة: دراسة منهجية شاملة في ضوء الكتاب والسنة لمحمد أبو الفتح البيانوني، وأثر العقيدة في بناء الفرد والمجتمع لعبد العال مكرم، والصلاة عماد الدين لحسن الترابي.
[47] رواه البخاري: 6502.
[48] انظر: فتح الباري 11/344، وجامع العلوم والحكم 2/345-346.
[49] انظر: لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ص: 237.
[50] انظر: الخصائص العامة للإسلام ص: 29-30.
[51] النسك: الذبح. انظر: تفسير القرآن العظيم 3/377.
[52] انظر: في ظلال القرآن 3/1240-1241.
[53] رواه الترمذي: 1987، وأحمد 5/153، 158، 177، 236، والحاكم 1/54. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين". ووافقه الذهبي. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
[54] الخصائص العامة للإسلام ص: 34-35.
[55] انظر لمزيد من البيان في هذا: التربية الإسلامية ودورها في مكافحة الجريمة لمقداد يالجن، وأثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي، لعبد الله