• ×
السبت 20 أبريل 2024 | 06-04-2024
×

فضل القرآن الكريم

0
0
652
 الخطبة الأولى:
الحمد لله على إنعامه المتصل الموفور، حمداً تقر به العيون وتنشرح به الصدور، حمداً يدوم على ممر الليالي والدهور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يضاعف لصاحبها الأجور، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أيده بكتابه النور، فمحا ظلمات أهل الشرك والفجور، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
عباد الله:
إن الله - تعالى - أرسل نبيه بشيراً ونذيرا، وأنزل معه الكتاب هدى للعالمين ونورا، ففتح به عيوناً عمياً وآذاناً صماً وشرح به صدوراً، وأبان فيه الحلال والحرام والثواب والعقاب والمواعظ والأمثال: (إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) [النساء:58].
فاتقوا الله عباد الله: في السر والعلن، وحافظوا على أداء الفرائض والسنن، وافزعوا إلى كتاب الله فنعم المفزع عند البلايا والمحن، والملاذ عن مظلات الفتن.
عباد الله:
إن الله بعث نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - بقرآن عربي مبين، بهر عقول فصحاء العرب وأقام عليهم الحجة فاعترفوا بفضل بيانه وحسن كلامه، قال الوليد ابن المغيرة: "والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وما يقول هذا بشر".
جعله الله في دجى الظلم ساطعا آيات في إثر آيات، يهد الله بها من اتبع رضوانه سبل السلام، جمع فأوعى في علاج النفوس وتقويم الأوضاع وإيقاظ القلوب، حبل الله المتين والنور المبين، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، عجبت الجن من عجائبه (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) [الجن:1-2].
عباد الله:
لقد بلغ القرآن الغاية في البلاغة والفصاحة، يعجب منه البلغاء، يفهمه العامة من الناس، فأي كتاب يمكن أن يستوعب أفهام البشرية جميعا؟ في عصور متتابعة على اختلاف مداركهم وأماكنهم ولغاتهم وتنوع معارفهم، لما سمعه عقبة ابن ربيعة قال: "والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالكهانة".
وحين طلب المشركون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معجزات حسية، من تفجير الأنهار وإسقاط السماء جاءهم الخبر من الله فقال - عز وجل -: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ) [العنكبوت:51].
إنه كتاب ميسر (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر:17].
ومع هذا لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطَّعها، تلاوته شفاء للنفوس من الشهوات ودواء للقلوب من الأهواء والشبهات، وعلاج للأبدان من الأمراض والآفات: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الإسراء:82]، وقال - عز وجل -: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا) [الرعد:31].
قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: "يقول - تعالى - مادحاً القرآن الذي أنزله على محمد - صلى الله عليه وسلم - ومفضلاً له على سائر الكتب المنزلة قبله، ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أي: لو كان في الكتب الماضية كتاب تسير به الجبال عن أماكنها أو تقطع به الأرض وتنشق أو تكلم به الموتى في قبورهم لكان هذا القرآن هو المتصف بذلك دون غيره، أو بطريق أولى أن يكون كذلك لما فيه من الإعجاز الذي لا يستطيع الجن والإنس عن آخرهم إذا اجتمعوا أن يأتوا بمثله ولا بسورة من مثله.
ومن مدح الله - تعالى -وثنائه على كتابه العظيم قوله: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) [الزمر:23]، وقال - سبحانه -: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) [الإسراء:9]، وقال - سبحانه -: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [فصلت:3]، وقال - عز وجل -: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء:88]، وقال - سبحانه -: (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [إبراهيم:1]، وقال - سبحانه -: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل:89]، وقال - سبحانه -: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِيَذَّكَّرُوا) [الإسراء:41]، وقال: (وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) [النور:34]، وقال: (وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ) [الأحقاف:12]، وقال: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت:41-42]، وقال: (إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) [الواقعة:77-78]، وقال - سبحانه -: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة:2] وقال - سبحانه -: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الإسراء:82]، وقال - سبحانه -: (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الأعراف:52].
وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثواب قراءة القرآن وفضلها فعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ...)) الحديث [متفق عليه].
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ)) [رواه مسلم].
وعن عبد الله ابن عمرو رضي الله - تعالى -عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا)) [رواه أبو داود].
اللهم أعز من أعز كتابك، وأهن من أهان كلامك، يا ذا الجلال والإكرام اللهم أكرم من أكرم كتابك، وأذل من أذل كتابك وأهانه يا رب العالمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله منزل الكتاب وهازم الأحزاب، أحمده - سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
عباد الله:
اتقوا الله - تعالى -، واعلموا أن الله - سبحانه - أكرم هذه الأمة بالقرآن العظيم الذي فيه نبأ ما قبلها، وخبر ما بعدها، وحُكم ما بينها، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، اللهم اقصم من أهان كتابك، اللهم اقصم من أهان كتابك، اللهم اقصم من أهان كتابك، يا ذا الجلال والإكرام.
من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، وقد وصفه الله - عز وجل - بأوصاف عظيمة منها أنه هدى للمتقين فقال - سبحانه -: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة:1-2].
وهو هدى للناس: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة:185].
كما وصفه - عز وجل - بأنه روح تحيا به القلوب: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) [الشورى:52].
وهو الذي يهدي بالطريق المستقيم ويحمل البشارات العظيمة: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [الإسراء:9-10].
وهو الفرقان والنذير: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) [الفرقان:1].
كما وصفه - عز وجل - بأنه شفاء وهدى ورحمة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس:57].
عباد الله:
هذا القرآن العظيم هو كلام الله - عز وجل - منزل غير مخلوق قال - عز وجل -: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) [التوبة:6]، وقال - تعالى -: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) [النساء:122].
وهو الحق ونزل بالحق قال - سبحانه -: (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) [الإسراء:105]، وقال - تعالى -: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) [يونس:108].
وهذا القرآن قول فصل لا باطل ولا لعب (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ) [الطارق:13-14].
ومن ثم فيتعين توقيره والقيام بإجلاله وتقديره تحقيقاً للإيمان بالقرآن وتنفيذاً للنصيحة لكتاب الله - عز وجل - فالقرآن هو الحق الذي نزل به جبريل على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو كلام الله - عز وجل - حقاً لا مجازا، وهو علم الله وهو محفوظ لم يغير منه شيء ولا حرف ولا زيد فيه حرف فما فوقه ولا نقص منه حرف فما فوقه قال - عز وجل -: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ) [الشعراء:193-194]، وقال - عز وجل -: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) [العنكبوت:49]، وقال - عز وجل -: (إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الواقعة:77-80]، وقال - عز وجل -: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9].
فمن قال: إن القرآن نقص منه بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرف أو زيد فيه حرف أو بدل منه حرف، أو أن هذا المسموع أو المحفوظ أو المنزل ليس هو القرآن، أو قال إن القرآن لم ينزل به جبريل - صلى الله عليه وسلم - على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو أنه ليس هو كلام الله - تعالى -، فهو كافر؛ لأنه خالف كلام الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع أهل الإسلام، كما توعد الله أولئك المستهزئين بآياته بالخلود في النار فقال - عز وجل -: (وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آَيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [الجاثية:9]، وقال - سبحانه -: (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ * ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) [الجاثية:34-35].
فالاستهانة بالمصحف تكذيب لله - تعالى - في خبره، ومناقضة لما أمر الله - تعالى - به من تعظيم كلامه - سبحانه -، والاستهانة بالقرآن استهانة بمن تكلم به - تعالى - وتقدس.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
وأكثروا عليه من الصلاة يعظم لكم ربكم بها أجرا فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)).
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واحم حوزة الدين.
اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننا وأصلح واحفظ ولاة أمورنا، اللهم وأصلح قلوبهم وأعمالهم، وسددهم في أقوالهم وأفعالهم يا ذا الجلال والإكرام.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم إنا عبيدك بنوا عبيدك بنوا إمائك، نواصينا بيدك، ماض فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، وقائدنا ودليلنا إليك وإلى جناتك جنات النعيم.
اللهم ذكرنا من القرآن ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، على الوجه الذي يرضيك عنا.
اللهم اجعلنا ممن يحل حلاله ويحرم حرامه، ويعمل بمحكمه، ويؤمن بمتشابهه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم عظم من عظم كتابك وعمل به، اللهم عظم من عظم كتابك، وعمل به وأهن من أذل كتابك واستخف به، اللهم أهن من أهان كلامك واستخف به، اللهم أذل من أذل كتابك واستخف به، اللهم وأنزل به عقوبتك، اللهم وأنزل به بأسك، اللهم وأنزل به عقوبتك التي لا ترد عن القوم الظالمين.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات:180-182].