مبحثٌ مهم في الاحتساب

بسم الله الرحمن الرحيم
مبحثٌ مهمٌ في الاحتساب
الشيخ محمد الفيفي

هذا مبحث مهم ، يكثر السؤال عنه بين فترة وأخرى ، وهو : هل للمسلم المقصر - سواء بفعل المعاصي أو التهاون في بعض الأوامر - أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؟
وهو من كلام ابن حزم - رحمه الله - ضمن رسالته "التلخيص لوجوه التخليص " ( ص 259-265) ، أحببتُ نقله ( دون هوامشه ) - لما فيه من فائدة . .
قال - رحمه الله - :
( قد توصل الشيطان إلى جماعة من الناس بأن أسكتهم عن تعليم الخير؛ بأن وسوس إليهم، أو لمن يقول لهم: إذا أصلحتم أنفسكم، فحينئذ اسعوا في صلاح غيركم .. وربما اعترض عليهم بقول الله عز وجل: ( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديت ) (سورة المائدة، 105) وبقوله تعالى: ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) (سورة البقرة،44) الآية، والحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : "أن رجلاً يقذف به في النار فتندلق أقتابه ، فيقول له أهل النار: يا فلان: ألست الذي كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: نعم كنت آمركم بالمعروف ولا أفعله وأنهاكم عن المنكر وآتيه"، أو كما قال عليه السلام، فأسكتهم عن تعليم الخير.

فاعلموا رحمكم الله:
- أن الآية الأولى لا حجة فيها للمعترض بها؛ لأنه ليس فيها نهي لنا عن أن ننهى من ضل عن ضلاله ، ولكن فيها تطييب لأنفسنا عن غيرنا ولا يضرنا من ضل إذا اهتدينا، وقد جاء في بعض الآثار: أن المنكر إذا خفي لم يؤخذ به إلا أهله، وأنه إذا أعلن فلم ينكره أحد أخذ فاعله وشاهده الذي لا يقره؛ فإنما في هذه الآية إعلام لنا أننا لا نُضرُّ بإضلال من ضل إذا اهتدينا، وعلى من اهتدى بنا أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
- وأما الآية الثانية فلم ينكر فيها الأمر بالبر، وإنما أنكر استضافة إتيان المنكر إليه.. ونعم معترفون لها بذنوبنا، منكرون على أنفسنا وعلى غيرنا، راجون الأجر على إنكارنا، خائفون العقاب على ما نأتي مما ندري أنه لا يحل. ولعل أمرنا بالمعروف، وتعليمنا الخير، ونهينا عن المنكر: يحط به ربنا تعالى عنا ما نأتي من الذنوب؛ فقد أخبرنا تعالى أنه لا يضيع عمل عامل منا.

- وأما الحديث المذكور فهو عن رجل غلبت معاصيه على حسناته، فإن كان مستحلاً للمنكر الذي كان يأتي ومرائياً بما يأتي به: فهذا كافر مخلد في نار جهنم ، ويكفي من بيان هذا قوله تعالى: ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره )(سورة الزلزلة) .

فمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وعصى مع ذلك فوالله لا ضاع له ما أسلف من خير، ولا ضاع عنده ما أسلف من شر، وليوضعن كل ما عمله يوم القيامة في ميزان يرجحه مثقال ذرة، ثم ليجازين بأيهما غلب. هذا وعد الله الذي لا يخلف الميعاد .. وقد أمر تعالى فقال: ( ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )(سورة آل عمران، 104)، وقال تعالى: ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) (سورة التوبة، 122)، فأمر تعالى من نفر ليتفقه في الدين بأن ينذر قومه، ولم ينهه عن ذلك إن عصى، بل أطلق الأمر عاماً، وقال تعالى: ( وما يفعلوا من خير فلن يُكفروه )(سورة آل عمران، 115) .

فمن رام أن يصدَّ عن هذه السبيل بالاعتراض الذي قدمنا فهو فاسق، صاد عن سبيل الله، داعية من دواعي النار، ناطق بلسان الشيطان، عون لإبليس على ما يحب، إذ لا ينهى عن باطل ولا يأمر بالمعروف ولا يعمل خيراً، وقد بلغنا عن مالك أنه سئل عن مسألة فأجاب فيها، فقال له قائل: يا أبا عبدالله: وأنت لا تفعل ذلك؟ .. فقال: يا ابن أخي ليس في الشر قدوة .

ورحم الله الخليل بن أحمد الرجل الصالح حيث يقول:
اعمل بعلمي ولا تنظر إلى عملي ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري
وذُكرت هذه المسألة يوماً بحضرة الحسن البصري رحمه الله فقال: ودَّ إبليس لو ظفر منا بهذه؛ فلا يأمر أحدٌ بمعروف ولا ينهى عن منكر.. وصدق الحسن؛ لأنه لو لم يأمر المعروف ولم ينه عن المنكر إلا من لا يذنب: لما أمر به أحد من خلق الله تعالى بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، فكل منهم قد أذنب.. وفي هذا هدم للإسلام جملة.. فقد صح عن النبي عليه السلام أنه قال: "ما من أحدٍ إلا وقد ألـمَّ، إلا ما كان من يحيى بن زكريا" أو كلام هذا معناه.

فخذوا حذركم من إبليس وأتباعه في هذا الباب، ولا تدعوا الأمر بالمعروف وإن قصرتم في بعضه، ولا تدعوا النهي عن منكر وإن كنتم تواقعون بعضه، وعلّموا الخير وإن كنتم لا تأتونه كله، واعترفوا بينكم وبين ربكم بما تعملونه بخلاف ما تعلِّمونه ) .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم

فخذوا حذركم من إبليس وأتباعه في هذا الباب، ولا تدعوا الأمر بالمعروف وإن قصرتم في بعضه، ولا تدعوا النهي عن منكر وإن كنتم تواقعون بعضه، وعلّموا الخير وإن كنتم لا تأتونه كله، واعترفوا بينكم وبين ربكم بما تعملونه بخلاف ما تعلِّمونه

والله ما فرحت بشئ ولا ثبتني في أمري بالمعروف وتقصيري واسرافي بذنوبي ما فرحت إلا بهذا الموضوع وهذا المقطع الصوتي فقد أثلج صدري

http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa...fatwa_id=18911

المقطع الصوتي كتابة


السؤال /
هل يؤجر من يأمر بالمعروف ولا يأتيه؟
وهل يؤجر من ينهى عن المنكر ويأتيه؟

الجواب /
نعم يؤجر , فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير مرتبط بعمليّ المعروف أو الإنتهاء عن المنكر لأن الواجب على العبد واجبان .. واجبٌ في أن يأتي المعروف وأن ينتهي عن المنكر والواجب الثاني أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر .. فإذا ترك أحد الواجبين فإنه لا يسوغ له شرعاً أن يترك الواجب الآخر

فإذا كان واقعاً في المنكر وتاركاً للمعروف الذي يأمر به فإنه لا يترك الأمر والنهي ويفرّط بهذا الواجب لأجل أنه فرّط في الإنتهاء , فهذا واجب وهذا واجب ولهذا ذكرت لك قول الإمام مالك رحمه الله تعالى : "لو لم يأمر بالمعروف إلا من أتاه ولم ينه عن المنكر إلا من انتهى عنه لم تجد آمراً ناهياً" لأن الدين عظيم ومسائل الشرع والواجبات والمستحبّات كثيره , كذلك المحرّمات والمكروهات كثيره , فالعبد يجب عليه أن يأمر وينهى , وإن هو فرّط فإنه يستغفر الله جلّ وعلا ويكون قد فرّط بواجبٍ أو مستحبّ أو أرتكب محرّما ونحو ذلك , فلهذا لا صلة بين هذا وذاك فكلاهما واجب ,

ومن وفّقه الله جلّ وعلا للإمتثال بالواجبين فإنه هو الذي حظي بالفضل , وأما من خالف فهذا فيه تفصيل , إن كان هذه المخالفه دائمه معه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهو يواقع المنكر ولا يأتي المعروف طول حياته ملازم لذلك , فهذا هو الذي جاء في مِثله قول النبي عليه الصلاة والسلام : "إنه يؤتى بالرجل يوم القيامه فيلقى في النار فتندلق أقتابه [يعني أمعاءه] فيقال له يا فلان ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر قال بلى ولكن كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وكنتم أنهاكم عن المنكر وآتيه " هذا في حال من لازمه وغلب عليه أما من أمر ثم استغفر ويجاهد نفسه فهذا له حكم أمثاله ممن خلط عمل صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يعفوا عنه

ورحم الله الخليل بن أحمد الرجل الصالح حيث يقول:
اعمل بعلمي ولا تنظر إلى عملي ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري

وصدق العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ حينما يقول ويردد دوماً في أشرطته

الرجال يعرفون بالدين وليس الدين يعرف بالرجال

موضوع لي في ذات الباب

:: مستقيـم بيـــن منــظور الشــرع والمجتمــع ::

وصدق الشاعر

إذا لم يعظ في الناس من هو مذنب .......... فمن يعظ العاصين بعد محمدا !؟

وهذا لا يعني أن نترك المجاهدة ونتكل على هذه البشرى



بارك الله فيكم يا شيخ

جاري نشر الموضوع لأهميته وتمت إضافته لمدونتي

[quote][واعترفوا بينكم وبين ربكم بما تعملونه بخلاف ما تعلِّمونه /quote]

كلام من ذهب بارك الله فيكم يا شيخنا على هذا النقل الموفق

شكراً لك وبارك الله في جهدكم وجزاك الله خير

الله يجزيك ووالديك الجنة
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

جزاك الله خيرا

شيخنا الفاضل

واسال الله أن ينصر بك الامرين بالمعروف والناهين عن المنكر

فقد عرفناك امرا بالمعروف ناهين عن المنكر لا تأخذك في لله لومة لائم

شيخنا الفاضل .. و .. زاد المعاد



دوماً نجد الفائدة في اضافتكم المباركة


بارك الله في جهودكما

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...