أفلا يتدبرون القرآن ؟!
10-05-2013 06:02 مساءً
0
0
1086
هل يبدأ المسلم بتعلم العلم، أو يبدأ بقراءة القرآن وحفظه؟
سأل رجلٌ عبد الله بن المبارك، فقال: يا أبا عبد الرحمن في أي شيء أجعل فضل يومي؟ في تعلم القرآن، أو في تعلم العلم؟ فقال: هل تحسن من القرآن ما تقومُ بهِ صلاتُك؟ قال: نعم، قال: عليك بالعلم.
وقال الميموني: سألت أبا عبد الله أيهما أحب إليك أبدأ ابني بالقرآن أو بالحديث؟ قال: لا بالقرآن، قلت: أعلمه كلَّه، قال: إلا أن يعسُر، فتعلِّمُه منه، ثم قال لي: إذا قرأ أولًا تعود القراءة، ثم لزمها.
ولا تعارض بين هذين الجوابين؛ فإننا نفرق بين الكبير والصغير؛ فالصغير يقدم حفظ القرآن له، لما ذكره أحمد من العلة، وأما الكبير؛ فإنه يتعلم ما يصحح به صلاته؛ لأنه هو الواجب، ثم ينتقل إلى تعلم العلم المفترض عليه، وهو أحكام الصلاة وما يتعلق بها، والصوم، والزكاة، والحج.
وقال الإمام أحمد: والذي يجب على الإنسان من تعليم القرآن والعلم ما لا بد له منه في صلاته وإقامة عينه، وأقل ما يجب على الرجل من تعلم القرآن فاتحة الكتاب وسورتان.
وقال ابن حزم في الإجماع: اتفقوا أن حفظ شيء من القرآن واجب، ولم يتفقوا على ماهية ذلك الشيء ولا كميته بما يمكن ضبط إجماع فيه، إلا أنهم اتفقوا على أنه من حفِظَ أمَّ القرآنِ ببسم الله الرحمن الرحيم، وسورة أخرى معها فقد أدى فرض الحفظ، وأنه لا يلزمه أكثر من ذلك، واتفقوا على استحباب حفظ جميعه، وأن ضبط جميعه واجب على الكفاية لا متعين.
وقال أحمد أيضًا: يجب على المسلم أن يطلب من العلم ما يقوم به دينه ولا يفرط في ذلك، فقيل له: فكل العلم يقوم به دينه؟! قال: الفرض الذي يجب عليه في نفسه لا بد له من طلبه، قيل: مثل أي شيء؟ قال: الذي لا يسعه جهله صلاته وصيامه.
وسئل ابن تيمية أيما طلب القرآن أو العلم أفضل؟
فأجاب: "أما العلم الذي يجب على الإنسان عينًا كعلم ما أمر الله به وما نهى الله عنه فهو مقدم على حفظ ما لا يجب من القرآن؛ فإن طلب العلم الأول واجب وطلب الثاني مستحب والواجب مقدم على المستحب، وأما طلب حفظ القرآن؛ فهو مقدم على كثير مما تسميه الناس علمًا، وهو إما باطل أو قليل النفع، وهو أيضًا مقدَّمٌ في التعلم في حق من يريد أن يتعلم علم الدين من الأصول والفروع؛ فإن المشروع في حق مثل هذا في هذه الأوقات أن يبدأ بحفظ القرآن؛ فإنه أصل علوم الدين بخلاف ما يفعله كثير من أهل البدع من الأعاجم وغيرهم، حيث يشتغل أحدهم بشيء من فضول العلم من الكلام أو الجدال والخلاف، أو الفروع النادرة، أو التقليد الذي لا يحتاج إليه أو غرائب الحديث التي لا تثبت ولا ينتفع بها، وكثير من الرياضيات التي لا تقوم عليها حجة، ويترك حفظ القرآن الذي هو أهم من ذلك كله، فلا بد في مثل هذه المسألة من التفصيل، والمطلوب من القرآن هو فهم معانيه والعمل به، فإن لم تكن هذه همة حافظه لم يكن من أهل العلم والدين والله - سبحانه - أعلم".
وعلى هذا فالواجب على المسلم أن يتعلم من القرآن ما يقيم به صلاته، ويتعلم من العلم ما يجب عليه، ثم بعد ذلك ينظر في نفسه وقدراته، ويستشير من يثق برأيه؛ هل ينصرف إلى العلم فيتعلم قراءة القرآن، ويضبط تلاوته، ويحرص على حفظه إن تيسر له ذلك، ويتعلم التفسير والحديث والفقه، أو أنه يشتغل بالحفظ وإقامة الحروف، ومعرفة أحكام التجويد، مع معرفة معانيه في الجملة، وقدرات الناس ومواهبهم في ذلك مختلفة.
وإذا أردتم مثالاً على الفرق بين العالم، وبين حافظ القرآن فقط؛ فانظروا إلى أثر كل منهما فيمن حوله، ستجدون أن أثر العالم أعظم من أثر الحافظ فقط، ولهذا ظهر علم مالك وأبي حنيفة، والشافعي وأحمد وصاروا أئمة أعظم من ظهور أصحاب القراءات؛ كعاصم، وخلف بن هشام، وورش وقالون، والكسائي وغيرهم.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
سأل رجلٌ عبد الله بن المبارك، فقال: يا أبا عبد الرحمن في أي شيء أجعل فضل يومي؟ في تعلم القرآن، أو في تعلم العلم؟ فقال: هل تحسن من القرآن ما تقومُ بهِ صلاتُك؟ قال: نعم، قال: عليك بالعلم.
وقال الميموني: سألت أبا عبد الله أيهما أحب إليك أبدأ ابني بالقرآن أو بالحديث؟ قال: لا بالقرآن، قلت: أعلمه كلَّه، قال: إلا أن يعسُر، فتعلِّمُه منه، ثم قال لي: إذا قرأ أولًا تعود القراءة، ثم لزمها.
ولا تعارض بين هذين الجوابين؛ فإننا نفرق بين الكبير والصغير؛ فالصغير يقدم حفظ القرآن له، لما ذكره أحمد من العلة، وأما الكبير؛ فإنه يتعلم ما يصحح به صلاته؛ لأنه هو الواجب، ثم ينتقل إلى تعلم العلم المفترض عليه، وهو أحكام الصلاة وما يتعلق بها، والصوم، والزكاة، والحج.
وقال الإمام أحمد: والذي يجب على الإنسان من تعليم القرآن والعلم ما لا بد له منه في صلاته وإقامة عينه، وأقل ما يجب على الرجل من تعلم القرآن فاتحة الكتاب وسورتان.
وقال ابن حزم في الإجماع: اتفقوا أن حفظ شيء من القرآن واجب، ولم يتفقوا على ماهية ذلك الشيء ولا كميته بما يمكن ضبط إجماع فيه، إلا أنهم اتفقوا على أنه من حفِظَ أمَّ القرآنِ ببسم الله الرحمن الرحيم، وسورة أخرى معها فقد أدى فرض الحفظ، وأنه لا يلزمه أكثر من ذلك، واتفقوا على استحباب حفظ جميعه، وأن ضبط جميعه واجب على الكفاية لا متعين.
وقال أحمد أيضًا: يجب على المسلم أن يطلب من العلم ما يقوم به دينه ولا يفرط في ذلك، فقيل له: فكل العلم يقوم به دينه؟! قال: الفرض الذي يجب عليه في نفسه لا بد له من طلبه، قيل: مثل أي شيء؟ قال: الذي لا يسعه جهله صلاته وصيامه.
وسئل ابن تيمية أيما طلب القرآن أو العلم أفضل؟
فأجاب: "أما العلم الذي يجب على الإنسان عينًا كعلم ما أمر الله به وما نهى الله عنه فهو مقدم على حفظ ما لا يجب من القرآن؛ فإن طلب العلم الأول واجب وطلب الثاني مستحب والواجب مقدم على المستحب، وأما طلب حفظ القرآن؛ فهو مقدم على كثير مما تسميه الناس علمًا، وهو إما باطل أو قليل النفع، وهو أيضًا مقدَّمٌ في التعلم في حق من يريد أن يتعلم علم الدين من الأصول والفروع؛ فإن المشروع في حق مثل هذا في هذه الأوقات أن يبدأ بحفظ القرآن؛ فإنه أصل علوم الدين بخلاف ما يفعله كثير من أهل البدع من الأعاجم وغيرهم، حيث يشتغل أحدهم بشيء من فضول العلم من الكلام أو الجدال والخلاف، أو الفروع النادرة، أو التقليد الذي لا يحتاج إليه أو غرائب الحديث التي لا تثبت ولا ينتفع بها، وكثير من الرياضيات التي لا تقوم عليها حجة، ويترك حفظ القرآن الذي هو أهم من ذلك كله، فلا بد في مثل هذه المسألة من التفصيل، والمطلوب من القرآن هو فهم معانيه والعمل به، فإن لم تكن هذه همة حافظه لم يكن من أهل العلم والدين والله - سبحانه - أعلم".
وعلى هذا فالواجب على المسلم أن يتعلم من القرآن ما يقيم به صلاته، ويتعلم من العلم ما يجب عليه، ثم بعد ذلك ينظر في نفسه وقدراته، ويستشير من يثق برأيه؛ هل ينصرف إلى العلم فيتعلم قراءة القرآن، ويضبط تلاوته، ويحرص على حفظه إن تيسر له ذلك، ويتعلم التفسير والحديث والفقه، أو أنه يشتغل بالحفظ وإقامة الحروف، ومعرفة أحكام التجويد، مع معرفة معانيه في الجملة، وقدرات الناس ومواهبهم في ذلك مختلفة.
وإذا أردتم مثالاً على الفرق بين العالم، وبين حافظ القرآن فقط؛ فانظروا إلى أثر كل منهما فيمن حوله، ستجدون أن أثر العالم أعظم من أثر الحافظ فقط، ولهذا ظهر علم مالك وأبي حنيفة، والشافعي وأحمد وصاروا أئمة أعظم من ظهور أصحاب القراءات؛ كعاصم، وخلف بن هشام، وورش وقالون، والكسائي وغيرهم.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.