• ×
الجمعة 26 أبريل 2024 | 06-04-2024
×

بيان فضل القرآن ووصفه ومنزلته

0
0
439
 مجالات الدعوة في القرآن الكريم وأصولها
بيان فضل القرآن ووصفه ومنزلته
القرآن الكريم: هو كلام الله المُنَزَّل على رسوله محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - المتعبَّدُ بتلاوته، المتحدَّى بأقصرِ سورةٍ منه، المنقول إلينا نقلاً متواترًا، المكتوبُ في المصاحف، المَحفوظ في الصُّدور.
هذا القرآن هو الكتاب المبين، الذي (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)[فصلت: 42]، وهو المعجزة الخَالدة الباقية المستمرَّة على تعاقب الأزمان والدُّهور، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها.
وهو حَبْلُ اللهِ المتينُ، والصِّراط المستقيم، والنُّور الهادي إلى الحق، وإلى الطريق المستقيم، فيه نبَأُ ما قبلكم، وحُكْم ما بينكم، وخبَرُ ما بعدَكم، هو الفَصْل ليس بالهزل، مَن ترَكه مِن جبَّار قصَمَه الله، ومن ابتغى الهُدى في غيره أضلَّه الله، من قال به صدَق، ومَن حكَم به عدَل، ومن دَعا إليه فقد هُدي إلى صراطٍ مستقيم.
هذا القرآن: هو وثيقة النُّبوة الخاتمة، ولسان الدِّين الحنيف، وقانون الشَّريعة الإسلامية، وقاموس اللُّغة العربية، هو قدوتنا وإمامُنا في حياتنا، به نَهْتدي، وإليه نَحْتكم، وبأوامره ونواهيه نَعْمل، وعند حدوده نقِفُ ونلتزم، سعادَتُنا في سلوك سننِه، واتِّباع منهجه، وشقاوتنا في تنكُّب طريقه، والبُعد عن تعاليمه.
وهو رِباطٌ بين السَّماء والأرض، وعهْدٌ بين الله وبين عباده، وهو منهاج الله الخالد، وميثاق السَّماء الصالِحُ لكلِّ زمان ومكان، وهو أشرَفُ الكتب السَّماوية، وأعظم وحيٍ نزَل من السماء.
وباختصارٍ، فإنَّ كلام الله - سبحانه وتعالى - لا يُدانيهِ كلامٌ، وحديثه لا يشابههُ حديث؛ قال - تعالى -: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)[النساء: 87]؟!
ولقد رفع الله شأن القرآن، ونوَّه بعلوِّ مَنْزلته، فقال - سبحانه -: (تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى)[طه: 4]، كما وصفَه - سبحانه وتعالى - بعِدَّة أوصاف، مبيِّنًا فيها خصائصه التي ميَّزه بها عن سائر الكتب[1]؛ فمِن ذلك:
* قوله - تعالى -: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[الأنعام: 155].
قال العلاَّمة السعدي - رحمه الله -: "القرآن العظيم والذِّكر الحكيم فيه الخير الكثير، والعِلْم الغزير، وهو الذي تُستمَدُّ منه سائر العلوم، وتُستخرَج منه البَركات، فما من خيرٍ إلاَّ وقد دعا إليه ورغَّب فيه، وذكَر الحِكَم والمصالح التي تحثُّ عليه، وما من شرٍّ إلا وقد نهى عنه، وحذَّر منه، وذكَر الأسباب المنفِّرة منه ومِن فِعْله، وعواقبها الوخيمة، فاتَّبِعوه فيما يأمر به وينهى، وابنوا أصول دينكم وفروعَه عليه"[2].
وقال الإمام ابن كثيرٍ - رحمه الله -: "فيه الدَّعوة إلى اتِّباع القرآن؛ يُرغِّب - سبحانه - عبادَه في كتابه، ويَأمرهم بتدبُّرِه، والعمل به، والدَّعوة إليه، ووصفه بالبَركة لمن اتَّبعه وعَمِل به في الدُّنيا والآخرة؛ لأنه حبل الله المتين"[3].
* وقوله - تعالى -: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)[النحل: 89]، وصَفَ الله كتابه هنا بصفاتٍ كثيرة، وهي التِّبيان، والهُدى، والرحمة، والبشرى، فالقرآن الكريم تبيانٌ وبيان تامٌّ لكلِّ ما يَحتاجه الإنسان في مسيرته في الحياة الدُّنيا؛ من عقيدةٍ صحيحة، وسلوكٍ قويم، وشريعةٍ مُحْكَمة، فلا حجَّة بعده لِمحتجٍّ، ولا عذر لمعتذر، فلا عقيدةَ أو سلوكًا أو شريعةً يَرضاها الله إلاَّ ما جاء فيه، ولا صلاح للفَرْد والجماعة إلاَّ بهذه العقيدة والعبادة والسُّلوك، والشرع والحكم الإلهي التام الكامل المُنَزَّه عن الشبهات والهوى؛ فالله - سبحانه - الذي خلَق الإنسان، وهو من يبيِّن له ذلك وحده؛ ففيه بيانُ الأصول والعقائد والقواعد لكل شيء، وفي سننه - صلى الله عليه وسلم - التَّفصيلُ والشرح[4].
هذه بعض أوصاف القرآن الواردةُ في كتاب الله - عز وجل - فالقرآن يتحدَّث عن نفسه فيها بأجلى صورةٍ، وأوضح بيان.
أما السُّنة النبوية فحديثها عن القرآن ووَصْفُها لآياته، وبيان فضله وعلوِّ مَنْزلته، فالنُّصوص فيها كثيرة، منها:
ما رواه الإمام مسلمٌ في "صحيحه" عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب، فحَمِد الله وأثنى عليه ثم قال: ((أمَّا بعد، ألاَ أيُّها الناس، فإنَّما أنا بشر، يوشك أن يأتيني رسولُ ربِّي فأجيب، وأنا تاركٌ فيكم ثقلين: أوَّلهما كتاب الله، فيه الهُدى والنور، فخُذوا بكتاب الله، وتمسَّكوا به))، فحثَّ على كتاب الله، ورغَّب فيه، ثم قال: ((وأهل بيتي))، وفي لفظٍ: ((كتاب الله هو حَبْلُ اللهِ المتينُ، من اتَّبعه كان على الهدى، ومن ترَكه كان على الضلالة)).
وروى ابن حبَّان في "صحيحه" عن أبي شُرَيح - رضي الله عنه - قال: خرج علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أبشِروا؛ أليس تَشْهدون أنْ لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟)) قالوا: نعَم، قال: ((فإنَّ هذا القرآن طرَفُه بيد الله، وطرفه بأيديكم؛ فتمسَّكوا به، فإنَّكم لن تضِلُّوا ولن تَهْلِكوا بعده أبدًا)).
وروى مسلمٌ من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الله يَرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضَع به آخرين)).
كلُّ هذه النصوص تبيِّن لنا فضائل هذا القرآن العظيم، وتُعْلِي شأنه ومكانته؛ لأنَّه كلام الله وحده - سبحانه -، وصَفَهُ مُنَزِّلُه بكل كمال، وجعل في تلاوته المهابةَ والجلال، وجعله أيضًا أساس الشريعة الإسلامية، وجعله مصدر الأحكام الشرعيَّة، والمسائل الفقهية، فهو الكتاب الحقُّ الذي عليه مَدارُ سعادتنا في أمر ديننا ودنيانا.
* ويرحم الله القائل:
سَأَصْرِفُ وَقْتِي فِي قِرَاءَةِ مَا أَتَى *** عَنِ اللهِ مَعْ مَا جَاءَنَا عَنْ رَسُولِهِ
فَإِنَّ الْهُدَى وَالفَوْزَ وَالْخَيْرَ كُلَّهُ *** بِمَا جَاءَ عَنْ رَبِّ العِبَادِ وَرُسْلِهِ
وقال آخر:
الذِّكْرُ أَصْلُ أُصُولِ الدِّينِ قَاطِبَةً *** فَكُنْ هُدِيتَ بِهِ مُسْتَمْسِكًا وَثِقَا
قال يحيى بن أَكْثم: كان للمأمون - وهو أميرٌ إذْ ذاك - مجلِسُ نظر، فدخَل في جملة الناس رجلٌ يهودي، حسَنُ الثَّوب، حسن الوجه، طيِّب الرائحة، قال: فتكلَّمَ فأحسن الكلامَ والعبارة.
فلما تقوَّض المجلسُ دعاه المأمون، فقال له: إسرائيليٌّ؟ قال: نعم.
قال: أسلِم حتى أفعل بك وأصنعَ، ووعَدَه، فقال: ديني ودين آبائي، وانصرف.
قال: فلمَّا كان بعد سنة جاء مسلمًا، فتكلَّم على الفقه، فأحسنَ الكلام.
فلما تقوَّض المجلسُ دعاه المأمون، وقال: ألست صاحِبَنا بالأمس؟
قال: بلى.
قال: فما كان سبب إسلامك؟
قال: انصرفتُ من حضرتك، فأحببتُ أن أمتحِن هذه الأديان، وأنت تراني حسَنَ الخطِّ، فعمدتُ إلى التوراة، فكتبت ثلاث نُسَخ، فزِدْتُ فيها ونقَصْت، وأدخلتُها البيعة، فاشتُرِيت منِّي، وعمدتُ إلى الإنجيل، فكتبت ثلاث نسخ، فزدتُ فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة، فاشتُرِيت مني.
وعمدت إلى القرآن، فحملت ثلاث نسخ، وزدت فيها ونَقَصْت، وأدخلتُها الورَّاقين، فتصفَّحوها.
فلما وجدوا فيها الزِّيادة والنقصان، رموا بها فلم يشتروها، فعلمتُ أنَّ هذا كتابٌ محفوظ، فكان هذا سببَ إسلامي[5]!
وصدق الله - تعالى - إذ يقول: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر: 9].
قصائد أهل العلم في وصف القرآن وبيان فضله:
يرحم الله الإمامَ عبدالله بن محمد الأندلسيَّ يوم أن قال في قصيدته البديعة، الموسومة "بنونية القحطاني" عن وصف القرآن وفضله:
تَنْزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ وَوَحْيُهُ *** بِشَهَادَةِ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ
وَكَلاَمُ رَبِّي لاَ يَجِيءُ بِمِثْلِهِ *** أَحَدٌ وَلَوْ جُمِعَتْ لَهُ الثَّقَلاَنِ
وَهُوَ الْمَصُونُ مِنَ الأَبَاطِلِ كُلِّهَا *** وَمِنَ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَالنُّقْصَانِ
مَنْ كَانَ يَزْعُمُ أَنْ يُبَارِيَ نَظْمَهُ *** وَيَرَاهُ مِثْلَ الشِّعْرِ وَالْهَذَيَانِ
فَلْيَأْتِ مِنْهُ بِسُورَةٍ أَوْ آيَةٍ *** فَإِذَا رَأَى النَّظْمَيْنِ يَشْتَبِهَانِ
فَلْيَنْفَرِدْ بِاسْمِ الأُلُوهَةِ وَلْيَكُنْ *** رَبَّ البَرِيَّةِ وَلْيَقُلْ سُبْحَانِي
فَإِذَا تَنَاقَضَ نَظْمُهُ فَلْيَلْبَسَنْ *** ثَوْبَ النَّقِيصَةِ صَاغِرًا بِهَوَانِ
أَوْ فَلْيُقِرَّ بِأَنَّهُ تَنْزِيلُ مَنْ *** سَمَّاهُ فِي نَصِّ الكِتَابِ مَثَانِي
لاَ رَيْبَ فِيهِ بِأَنَّهُ تَنْزِيلُهُ *** وَبِدَايَةُ التَّنْزِيلِ فِي رَمَضَانِ
اللهُ فَصَّلَهُ وَأَحْكَمَ آيَهُ *** وَتَلاَهُ تَنْزِيلاً بِلاَ أَلْحَانِ
هُوَ قَوْلُهُ وَكَلاَمُهُ وَخِطَابُهُ *** بِفَصَاحَةٍ وَبَلاَغَةٍ وَبَيَانِ
هُوَ حُكْمُهُ هُوَ عِلْمُهُ هُوَ نُورُهُ *** وَصِرَاطُهُ الْهَادِي إِلَى الرِّضْوَانِ
جَمَعَ العُلُومَ دَقِيقَهَا وَجَلِيلَهَا *** فِيهِ يَصُولُ العَالِمُ الرَّبَّانِي
قَصَصٌ عَلَى خَيْرِ البَرِيَّةِ قَصَّهُ *** رَبِّي فَأَحْسَنَ أَيَّمَا إِحْسَانِ
وَأَبَانَ فِيهِ حَلاَلَهُ وَحَرَامَهُ *** وَنَهَى عَنِ الآثَامِ وَالعِصْيَانِ
مَنْ قَالَ إِنَّ اللهَ خَالِقُ قَوْلِهِ *** فَقَدِ اسْتَحَلَّ عِبَادَةَ الأَوْثَانِ
وقال - رحمه الله - أيضًا:
قُلْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَلاَمُ إِلَهِنَا *** وَاعْجَلْ وَلاَ تَكُ فِي الإِجَابَةِ وَانِي
وَكَلاَمُهُ صِفَةٌ لَهُ وَجَلاَلَةٌ *** مِنْهُ بِلاَ أَمَدٍ وَلاَ حِدْثَانِ
* وقال الإمام الشاطبيُّ في قصيدته الموسومة "بحِرْز الأماني" في القراءات:
وَبَعْدُ فَحَبْلُ اللهِ فِينَا كِتَابُهُ *** فَجَاهِدْ بِهِ حِبْلَ العِدَا مُتَحَبِّلاَ
وَأَخْلِقْ بِهِ إِذْ لَيْسَ يَخْلُقُ جِدَّةً *** جَدِيدًا مُوَالِيهِ عَلَى الْجِدِّ مُقْبِلاَ
وقال أيضًا - رحمه الله -:
وَإِنَّ كِتَابَ اللهِ أَوْثَقُ شَافِعٍ *** وَأَغْنَى غَنَاءٍ وَاهِبًا مُتَفَضِّلاَ
وَخَيْرُ جَلِيسٍ لاَ يُمَلُّ حَدِيثُهِ *** وَتَرْدَادُهُ يَزْدَادُ فِيهِ تَجَمُّلاَ
وَحَيْثُ الفَتَى يَرْتَاعُ فِي ظُلُمَاتِهِ *** مِنَ القَبْرِ يَلْقَاهُ سَنًا مُتَهَلِّلاَ
هُنَالِكَ يَهْنِيهِ مَقِيلاً وَرَوْضَةً *** وَمِنْ أَجْلِهِ فِي ذِرْوَةِ العِزِّ يُجْتَلاَ
يُنَاشِدُ فِي إِرْضَائِهِ لِحَبِيبِهِ *** وَأَجْدِرْ بِهْ سُؤْلاً إِلَيْهِ مُوَصَّلاَ
فَيَا أَيُّهَا القَارِي بِهِ مُتَمَسِّكًا *** مُجِلاًّ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ مُبَجِّلاَ
هَنِيئًَا مَرِيئًا وَالِدَاكَ عَلَيْهِمَا *** مَلاَبِسُ أَنْوَارٍ مِنَ التَّاجِ وَالْحُلاَ
فَمَا ظَنُّكُمْ بِالنَّجْلِ عِنْدَ جَزَائِهِ *** أُولَئِكَ أَهْلُ اللهِ وَالصَّفْوَةُ الْمَلاَ
* وقال العلاَّمة "حافظ بن أحمد الحكميُّ" - رحمه الله - في قصيدته الموسومة "بسُلَّم الوصول إلى علم الأصول" في التوحيد:
كَلاَمُهُ جَلَّ عَنِ الإِحْصَاءِ *** وَالْحَصْرِ وَالنَّفَادِ وَالفَنَاءِ
لَوْ صَارَ أَقْلاَمًا جَمِيعُ الشَّجَرِ *** وَالبَحْرُ تُلْقَى فِيهِ سَبْعُ أَبْحُرِ
وَالْخَلْقُ تَكْتُبْهُ بِكُلِّ آنِ *** فَنَتْ وَلَيْسَ القَوْلُ مِنْهُ فَانِي
وَالقَوْلُ فِي كِتَابِهِ الْمُفَصَّلْ *** بِأَنَّهُ كَلاَمُهُ الْمُنَزَّلْ
عَلَى الرَّسُولِ الْمُصْطَفَى خَيْرِ الوَرَى *** لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلاَ بِمُفْتَرَى
يُحْفَظُ بِالقَلْبِ وَبِاللِّسَانِ *** يُتْلَى كَمَا يُسْمَعُ بِالآذَانِ
كَذَا بِالاَبْصَارِ إِلَيْهِ يُنْظَرُ *** وَبِالأَيَادِي خَطُّهُ يُسَطَّرُ
وَكُلُّ ذِي مَخْلُوقَةٌ حَقِيقَهْ *** دُونَ كَلاَمِ بَارِئِ الْخَلِيقَهْ
وقال أيضًا - رحمه الله -:
جَلَّتْ صِفَاتُ رَبِّنَا الرَّحْمَنِ *** عَنْ وَصْفِهَا بِالْخَلْقِ وَالْحِدْثَانِ
فَالصَّوْتُ وَالأَلْحَانُ صَوْتُ القَارِي *** لَكِنَّمَا الْمَتْلُوُّ قَوْلُ البَارِي
مَا قَالَهُ لاَ يَقْبَلُ التَّبْدِيلاَ *** كَلاَّ وَلاَ أَصْدَقُ مِنْهُ قِيلاَ
* وقال البوصيري في "بردة المديح":
آيَاتُ حَقٍّ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثَةٌ *** قَدِيمَةٌ صِفَةُ الْمَوْصُوفِ بِالقِدَمِ
لَمْ تَقْتَرِنْ بِزَمَانٍ وَهْيَ تُخْبِرُنَا *** عَنِ الْمَعَادِ وَعَنْ عَادٍ وَعَنْ إِرَمِ
دَامَتْ لَدَيْنَا فَفَاقَتْ كُلَّ مُعْجِزَةٍ *** مِنَ النَّبِيِّينَ إِذْ جَاءَتْ وَلَمْ تَدُمِ
وَمُحْكَمَاتٌ فَمَا تُبْقِينَ مِنْ شُبَهٍ *** لِذِي شِقَاقٍ وَمَا تَبْغِينَ مِنْ حَكَمِ
مَا حُورِبَتْ قَطُّ إِلاَّ عَادَ مِنْ حَرَبٍ *** أَعْدَى الأَعَادِي إِلَيْهَا مُلْقِيَ السَّلَمِ
رَدَّتْ بَلاَغَتُهَا دَعْوَى مُعَارِضِهَا *** رَدَّ الغَيُورِ يَدَ الْجَانِي عَنِ الْحُرُمِ
بِهَا مَعَانٍ كَمَوْجِ البَحْرِ فِي مَدَدٍ *** وَفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الْحُسْنِ وَالقِيَمِ
فَمَا تُعَدُّ وَلاَ تُحْصَى عَجَائِبُهَا *** وَلاَ تُسَامُ عَلَى الإِكْثَارِ بِالسَّأَمِ
قَرَّتْ بِهَا عَيْنُ قَارِيهَا فَقُلْتُ لَهُ *** لَقَدْ ظَفِرْتَ بِحَبْلِ اللهِ فَاعْتَصِمِ
________________
[1] "غاية المريد"، للشيخ عطيَّة قابل نصر.
[2] "تيسير الكريم الرحمن" للعلاَّمة عبدالرحمن السعدي.
[3] "تفسير القرآن العظيم" للإمام ابن كثير الدمشقي.
[4] "ثنائيات وثلاثيات وخماسيات هادية" للمهندس خالد حمزة.
[5] "موارد الظمآن لدروس الزمان" عبدالعزيز محمد السلمان.